الثلاثاء 23 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبد الرحيم علي يكتب : نجوم الاجتهاد (2)

نُشر هذا المقال في جريدة نهضة مصر بتاريخ الخميس 24 يناير 2008

نشر
الشيخ محمد الغزالي
الشيخ محمد الغزالي


واستمرت أصوات التجديد في إخلاصها للإيمان بحرية الرأي والتعبير، وفي هذا المقال نلقي الضوء على بعض من المعاصرين:
1- الإمام محمد عبده 
يقول الإمام محمد عبده ( مجدد القرن العشرين ) في كتابه "الإسلام بين العلم والمدنية أن الأصل الأول من أصول الإسلام، هو النظر العقلي. والنظر عنده هو وسيلة الإيمان الصحيح. 
والأصل الثاني: هو تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض.
أما الأصل الثالث: فهو البعد عن التكفير: فقد اشتهر بين المسلمين وعرف من قواعد أحكام دينهم أنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل على الإيمان، ولا يجوز حمله على الكفر. 
والأصل الرابع: الاعتبار بسنن الله في الخلق: وهو ألا يعول بعد الأنبياء في الدعوة إلى الحق على غير الدليل، وألا ينظر إلى العجائب والغرائب وخوارق العادات.
والأصل الخامس: هدم السلطة الدينية: هدم الإسلام بناء تلك السلطة ومحا أثرها حتى لم يبق لها عند الجمهور من أهله اسم ولا رسم. لم يدع الإسلام لأحد بعد الله ورسوله سلطانا على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه على أن الرسول عليه السلام كان مبلغا ومذكرا لا مهيمنا ولا مسيطرا.


لكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله وعن رسوله من كلام رسوله، بدون توسيط أحد من سلف ولا خلف وإنما يجب عليه قبل ذلك أن يحصل من وسائله ما يؤهله للفهم، كقواعد اللغة العربية وآدابها وأساليبها وأحوال العرب خاصة في زمان البعثة وما كان الناس عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وما وقع من الحوادث وقت نزول الوحي، وشئ من الناسخ والمنسوخ من الآثار. فإن لم تسمح له حاله بالوصول إلى ما يعده لفهم الصواب من السنة والكتاب فليس عليه إلا أن يسأل العارفين بهما وله بل عليه أن يطالب المجيب بالدليل على ما يجيب به سواء كان السؤال في أمر الاعتقاد أو في حكم عمل من الأعمال.
فليس في الإسلام ما يسمى بالسلطة الدينية بأي وجه من الوجوه.

 

2- الإمام الأكبر محمود شلتوت 
أثرى الشيخ محمود شلتوت بمؤلفاته المكتبة الإسلامية الحديثة، وسعي باجتهاداته لسد فراغ كبير في الفكر الإسلامي المعاصر.. وتصدي للإجابة عن الأسئلة التي تشغل بال مسلمى اليوم وهو يواجه الأفكار والإشكاليات والقضايا المحيطة بعالمه.
وفي كتابة "الإسلام عقيدة وشريعة".. يقرر أن الإسلام (القرآن والسنة) أقر بمشروعية الاجتهاد الفردي والجماعي والذي يفتح لأهل البحث والاستباط أوسع الأبواب لتخيير القانون الذي تنظم به شئون المجتمعات الإسلامية علي اختلاف ظروفها، غير مقيدين فيما يختارون إلا بشيء واحد: وهو عدم المخالفة لأصل من أصول التشريع القطعية مع تحري وجوه المصلحة، وسبل العدل.
ويضيف شلتوت في موضع آخر من كتابه المهم : "وإذا دلت طبيعة الإسلام هذه علي شيء، فإنما تدل علي أنه دين يتسع للحرية الفكرية العاقلة، وأنه لا يقف – فيما وراء عقائده الأصلية وأصول تشريعه – علي لون واحد من التفكير، أو منهج واحد من التشريع، وقد كان بتلك الحرية – ديناً، يساير جميع أنواع الثقافات الصحيحة، والحضارات النافعة التي يتفتق عنها العقل البشري في صلاح البشرية وتقدمها مهما ارتقي العقل، ونمت الحياة.


3- الشيخ محمد الغزالي 
يثبت الشيخ الغزالى في مرافعة طويلة بكتابه ( حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة) أن الإسلام يكفل القواعد والضمانات التي تصون حرية الإنسان، أي إنسان وليس فقط الإنسان المسلم، وفى القلب منها حقه في الرأي والتعبير، وإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بما حواه من حقوق للإنسان ينادي بالحرص عليها وعدم المساس بها، وفرها الإسلام ونص عليها وألزم احترامها . 
ويؤكد الغزالي أن الإسلام أكد علي الحق في الحرية الدينية فلكل شخص الحق في حرية الاعتقاد وحرية العبادة وفقاً لمعتقده (لكم دينكم ولي دين)
والحرية حق للإنسان، وهو حق مقدس – كحق الحياة ذاتها – وهي الصفة الطبيعية التي يولد بها الإنسان، ليس لأحد أن يعتدي عليها ويجب توفير الضمانات الكافية لحماية حرية الأفراد، ولا يجوز تقييدها أو الحد منها.


وعن حرية التفكير والاعتقاد والتعبير والتي يكفلها الإسلام كحق للإنسان.. يقول الشيخ الغزالي: 
•  التفكير الحر – بحثا عن الحق – ليس مجرد حق فحسب، بل هو واجب كذلك
• من حق كل فرد ومن واجبه أن يعلن رفضه للظلم، وإنكاره له، وأن يقاومه، دون تهيب من مواجهة سلطة متعسفة، أو حاكم جائر، أو نظام طاغ.. وهذا أفضل أنواع الجهاد.
• لا حظر علي نشر المعلومات والحقائق الصحيحة، إلا ما يكون في نشره خطر علي أمن المجتمع والدولة.
• احترام مشاعر المخالفين في الدين من خلق المسلم، فلا يجوز أن يسخر المسلم من معتقدات غيره، ولا أن يستعدي المجتمع عليه.
ويؤكد الغزالي علي أن الإسلام مع حق كل إنسان في أن يبدي رأيه في القضايا العامة والمتعلقة بمجتمعه وله الحق نقد والمطالبة بتصويبه السياسات والأفكار المطروحة في مجتمعه. ونكمل الأسبوع القادم .