السبت 20 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبد الرحيم علي يكتب: الشيخ محمد بن زايد.. خير خلف لخير سلف

نشر

ما زلت أذكر كلماته في أول لقاء جمعني به عام 2009، كانت المرة الأولى التي يقام فيها مؤتمر لقادة أجهزة مكافحة الإرهاب، خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت مدينة أبو ظبي هي الوجهة المختارة، 
استقبلنا سمو الشيخ محمد بن زايد كعادته في الترحيب بضيوفه، وفي الجولة التي أخذنا فيها لمشاهدة عرض للقوات الخاصة الإماراتية، بادرني سموه بسؤال أدركت بعده أنه دعابة، قال لي: ألن تكف عن دعمك لجماعة الإخوان طوال الوقت؟
والحقيقة أنني ذهلت للحظة وتشتت انتباهي، قلت في نفسي ربما اختلط على سموه الاسم، وظللت صامتا لبرهة.. حتى بادرني وهو يضحك ملء شدقيه: إنت صدقت أنا أعرفك جيدا لكنني أمزح معك.

 


منذ ذلك الحين استطاع الرجل صاحب الابتسامة العريضة، أن يذيب المسافات فيما بيننا، اكتشفت بعدها أنها قدرة خاصة لديه يدخل من خلالها القلوب من أوسع أبوابها 
في المساء دعاني سموه للقائه، وتطرق الحديث إلى مصر وأطماع تنظيم الإخوان، وإذا بي أسمع منه تلك الجملة التي ما زالت ترن في أذني منذ ذلك الحين.. أطماع هذا التنظيم الإرهابي لن تتوقف لحظة في مصر تحديدا، سيحاولون المرة تلو الأخرى، لكننا سنبذل أقصى جهدنا لمنعهم لأن مصر في اعتقادنا "عمود الخيمة" للأمة العربية إذا سقطت، سقطت المنطقة بالكامل.


هكذا كانت وما زالت رؤية سمو الشيخ محمد بن زايد، لمصر.. لن أتحدث بالطبع عن حبه للمصريين فمَن ذهب إلى الإمارات يدرك حب هذا الشعب الفياض للشعب المصري وتقديره لهم باعتبارهم الأساتذة والمدرسين والمهندسين والأطباء الذين أسهموا في نهضة منطقة الخليج بالكامل، ومن ضمنها الإمارات الشقيقة، ليس هذا وفقط، ولكنهم يشبهون الشعب المصري بتلك الدماء التي تسري في شرايين الأمة العربية، فإذا توقف سريانها ماتت الأمة.


أذكر عقب انتصار الشعب المصري العظيم في 30 يونيو وظهور المساندة الإماراتية الكبيرة والواسعة لثورة المصريين، شكلنا وفدًا شعبيًّا ضم نخبة من الوطنيين المصريين لمقابلة سمو الشيخ محمد، وتقديم الشكر له لما قام به شخصيًّا، وما قام به شعب الإمارات، لصالح مصر والمصريين في نضالهم المشروع للتخلص من حكم تلك الجماعة الإرهابية، وهو ما يحتاج إلى مجلدات ومسلسلات لشرحه وإلقاء الضوء عليه.. لقد ذهبنا نشكره، فوجدناه هو الذي يقدم لنا الشكر، واحدًا واحدًا، لما قام به كل واحد فينا دفاعًا عن بلده ودفاعًا عن الأمة العربية.. هكذا قال لنا: أنتم لم تدافعوا عن بلادكم فقط أنتم دافعتم عن الأمة جمعاء، وردد نفس الجملة التي سبق أن رددها على مسامعي مرارًا.. إن مصر "عمود الخيمة" إذا سقطت، لا قدر الله، سقط الوطن العربي كله.


لن أستطيع، بالطبع، في هذه المساحة الوجيزة ونحن نودع عملاق من أسرة المغفور له بإذن الله سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ونستقبل عملاقًا آخر من نفس الدم كرئيس ثالث للدولة أن نعدد مناقب سمو الشيخ محمد بن زايد، لكنني فقط أردت أن أحيي اختيار المجلس الأعلى للاتحاد لسمو الشيخ محمد كرئيس للدولة خلفًا لشقيقه المغفور له بإذن الله سمو الشيخ خليفة بن زايد، خير خلف لخير سلف.