الأربعاء 24 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

قريته تكرمه.. عبد الرحيم علي بين أهله وناسه

نشر
عبد الرحيم علي

أرجوك اقرأ بقلبك.. تصفح الصور بروحك.. فالأمر ليس خبرا وما رأيته أنا بعيني جعلني أفرح من قلبي.. لأنني منذ زمن لم أر فرحة طبيعية غير مصنوعة، فرحة قرية بابن لها خرج يحمل بين جنباته أمل التحقق.. فشاء الله أن ينجح نجاحا جعله قدوة ومثلا يضربه الأمهات والآباء لأبنائهم، وكعود طيب مهما امتدت وتفرعت أغصانه لم ينس عبدالرحيم علي منبته وجذوره، يحفظ شوارع قريته وجدرانها.. يحمل رائحة ديارها في صدره.. يحفظ وجوه كل شخص فيها.

لم أكن أنا وربما هو ومن معه يتصورون هذا الاستقبال.. كنا نعرف أننا سنزور قريته الإسماعيلية بالمنيا.. وكعادة الزيارات سيستقبلنا رجالات القرية ويجلس معهم "علي" في "الديوان"؛ تحركت السيارات وقبل القرية بـ200 متر رأينا جبلا من الناس سدّ الطريق؛ أنا ومن معي خرجنا من السيارات لم يكن أحد فينا يتخيل أن القرية كلها تقف بالطبل البلدي والمزمار في انتظار ابنها البار عبدالرحيم علي؛ وللحق هو نفسه ربما لم يكن يتوقع أن يكون من نصيبه كل هذا الحب برغم أنه دائم الاتصال والعطاء.. على وجهه ظهرت تعبيرات مختلطة من الدهشة والسعادة وشكر الله.. ربما انفصل للحظة عن كل ما حوله استعاد فيها شريط حياته حتى وصل به الزمان إلى لحظة التتويج هذه، ففي رأيي ذلك الاستقبال الأسطوري أفضل تكريم ناله سواء في مسيرته المهنية أو السياسية؛ هذا تكريم إنساني خالص ليس فيه رياء ولا نفاق؛ قلوب خرجت تفرح لابنها؛ وأقسم أنني سمعت ذلك من نساء القرية، إحداهن تقول: "والله قلبي ما فرح الفرحة دي من زمن يا ولاد"؛ ستتفحص الصور والوجوه وتعبيراتها وستتيقن أن مقولة "لا كرامة لنبي في بلده"؛ مغلوطة، فقد رأينا كرامات، رأينا الحب يورث للأبناء وصانع الخير سيرته لا تنقطع بل تمتد لأجيال وأجيال تلك الأجيال التي خرجت ترى ذلك الأستاذ الذي تتحدث عنه الأمهات بأنه كان مثلهم هنا، لكن كان له حلم سعى وراءه؛ جاب العالم يبحث عنه؛ حققه بفضل صبره وإيمانه وإصراره وبره بأهله وحبه لوطنه؛ فعاد عودة الفارس المظفر، عاد ليجد أطفال قريته يؤرخون مسيرته على ألواحهم ويحفظونها كأسمائهم.. فهنيئا لك هذه القلوب العامرة بحبك.. هنيئا لك حصاد ما زرعته من خير.. وكأن كل خير فعلته ابتغاء وجه الله تجسد في مسيرة استقبالك من خلال كل رجل وامرأة وطفل وعجوز وشيخ خرجوا يصافحونك.. ويقبلونك.. ويقولون لك.. كنت مع الله فكان الله معك.. كنت مع الناس فكانوا معك.. كنت مع أهلك فلم تهلك ولن تضام.