الخميس 18 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

دلالات رسالة ابن لادن عبد الرحيم علي

اسلام أون لاين 30/10/2004

نشر
عبد الرحيم علي

 
أربع دلالات هامة كشف عنها الشريط الذي بثته قناة الجزيرة القطرية الجمعة 29-10-2004، والذي هدد فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بتنفيذ هجمات جديدة في قلب الولايات المتحدة الأمريكية.
دلالة التوقيت
تمثلت الدلالة الأولى في اختيار زعيم القاعدة للتوقيت (قبل 4 أيام من موعد إجراء الانتخابات الأمريكية) فيما بدا محاولة واضحة منه للتأثير على سير المعركة الانتخابية، وبصفة خاصة على موقف الرئيس الجمهوري جورج بوش؛ حيث جاء ظهور زعيم القاعدة بعد ما يقرب من سنتين على اختفائه إعلاميا؛ لتفنيد الدعاوى الأمريكية التي روجت لفكرة موته في الأشهر الأخيرة، ولتذكير الناخب الأمريكي بأن عدو بوش رقم واحد ما زال حاضرا.
وحرص بوش على التخفيف من هذه الدلالة، حين أشرك معه على الفور منافسه جون كيري في رفض تهديدات ابن لادن؛ في محاولة منه للإيحاء بأنه ومنافسه يقفان موقفا واحدا؛ حيث قال: "الأمريكان لن يرهبهم، ولن يؤثر عليهم عدو بلادنا". وأضاف "أنا متأكد أن السناتور كيري يوافقني الرأي"، في إشارة إلى منافسه المرشح الديمقراطي جون كيري.
دلالة جماهيرية
الدلالة الثانية: خلو اللغة التي صيغت بها الرسالة من استخدام تعبيرات دينية درج ابن لادن على استخدامها في كافة رسائله السابقة؛ الأمر الذي ينبئ عن اتجاه جديد للقاعدة، ينحو إلى مخاطبة غير المتدينين من الشباب العربي المحبط من التصرفات الأمريكية في المنطقة، خاصة المهاجرين منهم إلى أمريكا وأوربا.
ويسعى ابن لادن من خلال هذا التوجه إلى تعميق اتصال التنظيم في إطار "سياسة التجنيد عن بعد" مع هذه الشريحة من الشباب؛ لعله ينجح في استقطاب مجموعات منهم إلى ما يطلق عليه خلايا الرعب الكامنة في أوربا وأمريكا.


قطع الشك باليقين
أما الدلالة الثالثة فتتعلق بإصرار ابن لادن من خلال هذه الرسالة ولأول مرة على وضع حد للتكهنات التي راجت طوال الأربع سنوات التي مضت على تفجيرات 11 سبتمبر، حول الجهة التي تقف خلف هذه التفجيرات.
ففي كلمات واضحة وصريحة أكد ابن لادن على وقوف القاعدة ووقوفه هو شخصيا خلف تلك التفجيرات، عندما قال بلغة واضحة: إنه بدأ في التفكير في تلك التفجيرات وبهذا الشكل قبل 19 عاما من الأحداث، عندما شاهد الجيش الإسرائيلي يجتاح لبنان عام 1982 ويدمر أبراج بيروت.
ولتأكيد هذا الانطباع دون لبس قال ابن لادن في معرض حديثه عن تخاذل الرئيس بوش عن حماية الشعب الأمريكي: إنه كان قد اتفق مع "الأمير العام محمد عطا" (أحد منفذي الهجمات - مصري الجنسية) على الانتهاء من تنفيذ كافة التفجيرات خلال 20 دقيقة.
وقد جاء هذا الإعلان الواضح من ابن لادن ليعطي مزيدا من الأهمية لتهديداته المستقبلية التي أصبحت تأتي على خلفية دوره الذي أقر به في تفجيرات سبتمبر.
وفى هذا السياق حرص ابن لادن على أن يشير إلى أن المشكلة ليست مع بوش بشكل كامل، وأن كيري لن يمنح الأمان أيضا للأمريكيين، وأن الأمان مرتبط في المقابل بسياسات بديلة يضغط في اتجاهها المواطن الأمريكي.
ودلالة فلسطين
الدلالة الرابعة تمثلت في ربط ابن لادن لأول مرة وبشكل قوي بين فلسطين وتفجيرات سبتمبر 2001؛ بالتأكيد على أن فكرة هذه التفجيرات راودته حين قامت إسرائيل مدعومة بالأسطول السادس الأمريكي بتفجير عدد من الأبراج في بيروت إبان اجتياحها للبنان عام 1982.
ويكشف هذا الربط إدراك ابن لادن بأهمية القضية الفلسطينية؛ باعتبارها الشعار الذي ما زالت الأمة تجمع عليه منذ 50 عاما، وفق وجهة نظر الظواهري التي أوردها في كتابه "فرسان تحت راية النبي" الذي دعا فيه كوادر القاعدة إلى تجييش الأمة على خلفية هذا الشعار قبل 4 سنوات من الآن.
التهديد بتفجيرات جديدة
وعلى خلفية كل هذه الدلالات هدد أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في أول ظهور له منذ أكثر من عام.. بتنفيذ هجمات مشابهة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.
وشرح في الشريط الذي بثته قناة الجزيرة ليل الجمعة 29-10-2004 لماذا اختار الولايات المتحدة لتنفيذ هجمات 11 سبتمبر، قائلا: "نحن أحرار، لا ننام على الضيم، ونريد إرجاع الحرية لأمتنا. فكما تهدرون أمننا نهدر أمنكم".
وأضاف أنه بالرغم من مرور 4 سنوات على 11 سبتمبر فإن بوش يمارس أعماله، وبالتالي سيتكرر ما حدث.
وعن نتائج هجمات 11 سبتمبر التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في واشنطن، قال زعيم تنظيم القاعدة: إنها كانت ناجحة، وقال: "لم نجد صعوبة في التعامل مع بوش؛ نظرا لتشابه إدارته مع الأنظمة الملكية والعسكرية الفاسدة في بلادنا"، في إشارة إلى الأنظمة العربية الحاكمة.
وقال: إن تأخر بوش في التحرك بعد إصابة البرج الأول في نيويورك أتاح استكمال ضرب البرج الثاني ووزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن.
وموجها كلامه إلى الشعب الأمريكي قال ابن لادن: "إنني أعجب منكم؛ فبالرغم من دخولنا السنة الرابعة بعد أحداث الحادي عشر (من سبتمبر 2001) فما زال بوش يمارس عليكم التشكيك والتضليل وتغييب السبب الحقيقي عنكم"، مضيفا "وبالتالي الدواعي قائمة لتكرار ما حدث