السبت 20 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

أبو أحمد فؤاد عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خلال حواره مع عبد الرحيم على... العمليات الاستشهادية ليست خطأ إستراتيجيا بالنسبة لنا كجبهة.. وطرحنا ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني

نشر هذا الحوار بتاريخ 03/10/2004 فى إسلام أون لاين. نت

نشر
عبد الرحيم علي

عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين : الشعارات التي رفعتها الانتفاضة، هي ذاتها الشعارات والأهداف التي يناضل من أجلها الشعب الفلسطيني

 


اعتبر أبو أحمد فؤاد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسئولها الإعلامي أن أهم الأخطار التي تواجه الانتفاضة هو ما وصفه بـ"سلسلة التنازلات" التي تقدمها السلطة الفلسطينية استجابة للإملاءات الإسرائيلية الأمريكية والتي لا تنسجم وتوجهات الانتفاضة.

ودعا فؤاد في حوار شامل مع شبكة "إسلام أون لاين.نت" بمناسبة عبور الانتفاضة لعامها الخامس إلى المسارعة بتشكيل "قيادة وطنية موحدة" تتخذ قرارا سياسيا موحدا وتتبنى برنامجا وطنيا مقاوما يلتف حوله الشعب في انتفاضته المجيدة حتى تحقق كافة أهدافها.

وفيما يلي نص الحوار:

* سيد أبو أحمد فؤاد، اندلعت الانتفاضة الثانية في أعقاب زيارة شارون للحرم القدسي، لكن تطور الأحداث يشير إلى أن الأمر كان أبعد من مجرد رد فعل على هذه الزيارة، وقد اتهمت المصادر الإسرائيلية الرئيس عرفات بتبييت النية على إطلاق ما أسمته "موجة عنف" ردا على فشل مسيرة المفاوضات، خاصة بعد كامب ديفيد (كلينتون، باراك، عرفات).

الي نص الحوار

أ- الآن كيف يمكنكم تقويم الدوافع الحقيقية والظروف الميدانية وراء اندلاع الانتفاضة الثانية؟

ب- وما هي العلاقة بين ما هو عفوي وما يتعلق بعناصر الإرادة والتصميم على اعتماد خيار الانتفاضة في عام 2000؟

- الانتفاضة بمختلف أشكالها هي خيار هذا الشعب لإزالة الاحتلال ومشاريعه التصفوية، وأي مكتسبات يمكن تحقيقها على الصعيد الفلسطيني ستكون نتيجة الانتفاضة وبفعل المقاومة.

لقد استطاعت الانتفاضة، بفعلها المقاوم، وباعتبارها مشروع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، إجبار شارون على الانسحاب من قطاع غزة مرغما بعد أن بات الاستمرار في احتلال القطاع يشكل مأزقا حقيقيا له، لقد أصبح البقاء في قطاع غزة مشروعا خاسرا على الصعيدين البشري والاقتصادي لعدم قدرة الاحتلال على حماية مستوطنيه وجنوده.

وكان يمكن للانتفاضة أن تحقق العديد من الإنجازات الأخرى لو كانت القيادة الفلسطينية المتنفذة بمستوى فعل الانتفاضة وبمستوى تضحيات شعبنا، وبعبارة أخرى فإن الانتفاضة لم تستطع تحقيق كامل الأهداف التي انطلقت من أجلها، إلا أنها ما زالت مستمرة، وأهم الأخطار التي تواجه الانتفاضة هو سلسلة التنازلات التي تقدمها القيادة الفلسطينية المتنفذة، تحت دعوى ضرورة المرونة في التكتيك، والتي هي في الحقيقة سياسة هروب إلى الأمام، واستجابة للإملاءات الإسرائيلية الأمريكية التي لا تنسجم وتوجيهات الانتفاضة.

 

 

*ما هي الأهداف التفصيلية التي تبنتها الانتفاضة عند انطلاقتها لترسم بها الطريق نحو الهدف الأكبر، المتمثل في التحرير الكامل للأرض؟ وهل دخلتم ساحة الانتفاضة متوافقين على نفس الأهداف التي دخل بها غيركم، أم كانت لكم رؤية ما متمايزة عن الآخرين؟ وهل حدث تطور على لائحة هذه الأهداف، فرضته ظروف الواقع؟ وما طبيعة مثل هذا التطور؟

- إن الشعارات التي رفعتها الانتفاضة، هي ذاتها الشعارات والأهداف التي يناضل من أجلها الشعب الفلسطيني، وبالرغم من مرور أربع سنوات على الانتفاضة، فما زال حق العودة، وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، مطالب وطنية أساسية وجوهرية لمجمل الشعب الفلسطيني، وقد تشكلت في ظل الانتفاضة العديد من المنتديات، والأطر للمطالبة بحق العودة، وما زالت الانتفاضة تطالب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

أما فيما يتعلق بقضية الأسرى، فبالرغم من كل الجهود التي بذلت، والاعتصامات، ومختلف النشاطات التضامنية، والإضراب عن الطعام والذي نجح بشكل جزئي في تحقيق عدد من مطالب الأسرى -فإن معركة الأسرى ما زالت قائمة، وهي معركة مستمرة طالما استمر الاحتلال.

وحول قضية القدس، فإن الانتفاضة ما زالت تعتبر القدس من أولى المهام التي انطلقت من أجلها، ولم تفلح كل المشاريع الإسرائيلية في تهويد القدس، ويكفي للتدليل على ذلك أن كل القوى الفلسطينية التي تجري استعداداتها لانتخابات الداخل تتعامل مع القدس كأي مدينة فلسطينية محتلة، بالرغم من القرار الإسرائيلي القاضي بعدم إجراء انتخابات في القدس.

إن أخطر ما يواجه الانتفاضة هو تلك العقلية التي تكمن في النهج السياسي الهابط، والذي يتسابق مع الأطروحات الأمريكية الإسرائيلية ولا يستجيب لمطالب الشعب الفلسطيني، إن هذا النهج النابع من عقلية التفرد والاستئثار، ونفي الآخر... إلخ لا يمكن أن يساعد في إنجاز تحقيق شعارات الانتفاضة، والمطلوب هو مغادرة هذه العقلية ومغادرة هذا المنهج إلى قيادة وطنية موحدة، وقرار سياسي موحد، وبرنامج وطني مقاوم يلتف حوله الشعب في انتفاضته المجيدة حتى تحقيق أهدافها.

*بدأت الانتفاضة بمشاركة شعبية واسعة توحي باستعادة الطابع المتميز للانتفاضة الأولى، حيث كان الجميع يحمل حجرا ويلقيه، لكن سرعان ما انحسرت موجات المشاركة الشعبية لتقتصر على المقاومة المسلحة فقط؟

أ): ما هي أسباب ودوافع هذا التحول، وهل خسرت الانتفاضة شيئا بعدم الإبقاء على الطابع الشعبي، وما إمكانية إعتماد إستراتيجية توازن ما بين خيار المقاومة المسلحة والطابع الشعبي للانتفاضة؟

- الحقيقة أن المقاومة المسلحة ليست بديلا عن أساليب النضال الأخرى؛ فالمظاهرات تعم الوطن بين فترة وأخرى، للتصدي لجريمة الجدار العازل ويعبر عنها عبر الاعتصامات والمظاهرات التي تشارك فيها قوى وشخصيات أجنبية، كما أن شباب وأطفال الحجارة لم يتوقفوا يوما عن استخدام سلاحهم هذا.

فالطابع الشعبي للانتفاضة ما زال قائما ولكنه تراجع بعض الشيء وتقدمت عليه العمليات العسكرية، بسبب بشاعة الجرائم التي يرتكبها العدو يوميا ضد شعبنا وإحساس الشعب الفلسطيني بأهمية وضرورة أن نجعل العدو يدفع ثمن جرائمه.

*الاندفاع لتغليب خيار المقاومة المسلحة، هل كان تحت تأثير تجربة حزب الله في لبنان؟ وهل كان الوقت والظرف مناسبين لتبني هذا الخيار بدلا من المقاومة الشعبية التي يمارسها الجميع بالحجارة؟ وهل كان من الأفضل حصر المقاومة في نطاق الأراضي المحتلة عام 1967؟

- تجربتنا لا تختلف عن تجارب كافة الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال؛ فهي لم تعتمد أسلوبا واحدا لطرد المحتل، بل استخدمت كل الأساليب (المظاهرة، المقاطعة... إلخ) بجانب الكفاح المسلح.

العمل المسلح ردا على العمليات الإجرامية

إن العامل الرئيسي الذي جعل كل فصائل المقاومة تعتمد هذا الأسلوب هو وجود قوات الاحتلال وممارساتها الإجرامية من "قتل، وتدمير، ومصادرة للأراضي، واعتقالات إلخ...".

إن الاعتماد على أسلوب واحد (المقاومة بالحجارة)، وانتظار المؤسسات الدولية للضغط على العدو للتسليم بحقوق شعبنا ليست كافية؛ لأن الهيئات والمؤسسات الدولية اتخذت مئات القرارات الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني، مضى على بعضها أكثر من نصف قرن ولم ينفذ منها شيء على الإطلاق وذلك بسبب دعم الإمبريالية الأمريكية ودول الغرب المعادية للعرب بشكل رئيس لإسرائيل.

أما بالنسبة لحصر المقاومة في الأراضي المحتلة عام 1967 فهذا لا ينسجم وإستراتيجيتنا السياسية والكفاحية.

فنحن نعتبر فلسطين كلها ملكا للشعب الفلسطيني وهي جزء من الوطن العربي والعدو متواجد على كل الأرض الفلسطينية سواء التي احتلت عام 48 أو عام 67، إن اقتصار العمل على مناطق 67 في الوقت الذي يقوم العدو بتدمير البنية التحتية للمناطق المحتلة عام 67، ويمارس عمليات القتل والاغتيالات والتدمير، كل هذا يجعل الخسائر متعاظمة في صفوفنا بشكل مستمر وتقللها في صفوف العدو، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار التفوق العسكري الذي يمتلكه.

 

العمليات يجب أن تخدم هدفا سياسيا

* قبل الانتفاضة لم تكن العمليات الاستشهادية واستهداف "المدنيين" بالإضافة لجنود الاحتلال تمثل هدفا معتمدا لأي من الفصائل الفلسطينية.

أ): ما هي العوامل وراء هذا التحول؟

ب): وما هي الضوابط التي تم اعتمادها لتصاحب تلك العمليات؟

ج): وما الذي ترتب سلبا وإيجابا على اعتماد هذا المنهج في المقاومة؟

د): ثم ألم يحن الوقت بعد لمراجعة هذه الطريقة في المقاومة؟ وهل تحقق أهدافها أم تحتاج إلى تقويم؟

- العمليات الاستشهادية، ليست خطأ إستراتيجيا بالنسبة لنا كجبهة. ونقوم بمثل هذه العمليات في ظروف معينة. وردا على جرائم يرتكبها العدو، أما إستراتيجيتنا العسكرية فقائمة على أساس ضرب العدو في مواقع ضعفه وضربه بهدف المحافظة قدر الإمكان على مقاتلينا ليتمكنوا من الاستمرار.

وفي كل الأحوال نحن نرى أن كل عملية سواء كانت استشهادية أو عادية يجب أن تخدم هدفا سياسيا.

أعتقد أن الإيجابيات أكثر من السلبيات، فهناك بعض السلبيات التي تتعلق بدقة التخطيط. وتحديد الهدف، وعدم الأخذ في الاعتبار الرأي العام العالمي ونظرته لمثل هذه العمليات، ولكن يجب أن نذكر أن هناك حركات تحرر عديدة في العالم استخدمت هذا الأسلوب وليست المقاومة الفلسطينية هي أول من استخدمه.

وفي الوقت نفسه، يجب أن ننظر بعين الاعتبار للتأييد الشعبي المنقطع النظير (في أوساط الفلسطينيين) لمثل هذه العمليات. لأنها تشكل بالنسبة له الرد العملي على جرائم العدو الذي يقتل النساء والأطفال والشيوخ ويدمر كل شيء وكل يوم سواء وقعت عمليات أم لم تقع.

المراجعة ضرورة

المراجعة لأي أسلوب عمل ضرورة تفرضها التطورات والأحداث. وممكن أن تحصل المراجعة عندما تتشكل قيادة وطنية موحدة ومرجعية واحدة للشعب الفلسطيني تحدد برنامج الحد الأدنى السياسي. والبرنامج الكفاحي وأساليب النضال التي تناسب كل مرحلة.

دائما يجب أن يكون جوهر البرنامج الكفاحي استمرار المقاومة بكافة أشكالها ومن ضمنها الكفاح المسلح.

* بعد أقل من عام على انطلاق الانتفاضة وقعت أحداث 11/9/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.

أ): كيف تمت في حينه قراءة هذا الحدث؟

ب): ما هو تأثير وانعكاسات هذه الأحداث على الانتفاضة؟

ج): ما هي السياسات التي كان من الممكن اعتمادها في أعقاب الأحداث وتم تجاهلها؟

- أحداث 11 أيلول تركت أثرها على منطقتنا بكاملها، وأهم نتائجها غزو العراق الشقيق ظلما، وفي رأيي أن غزو العراق يعتبر أخطر جريمة ترتكب في القرن الحادي والعشرين. أما تأثير هذا الحدث على الانتفاضة والمقاومة والقضية الفلسطينية فهو أيضا كبير، وذلك بسبب ربط أحداث 11 أيلول من قبل الولايات المتحدة بما يسمى في عرفهم "الإرهاب"، والعدو الصهيوني استغل هذه الفرصة وراح يقتل ويدمر ويصادر ويغتال تحت ذريعة "مقاومة الإرهاب".

إن أهم ما كان من المفروض أن يحصل هو ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني الداخلي ورسم سياسات يجمع عليها الشعب وفصائله الوطنية وعدم الخضوع للإملاءات الأمريكية الإسرائيلية. مهما بلغت التضحيات.

 

* رغم مرور أربع سنوات على اندلاع الانتفاضة، كيف تقيمون إنجازاتها؟ وفي هذا الإطار:

أ): ما الذي يمنع حتى الآن من التوصل إلى صيغة لتشكيل قيادة وطنية موحدة؟

ب): ما هي الصيغة الأفضل لهذا الإطار القيادي:

- أن تكون في إطار السلطة بعد توسيعها.

- في إطار منظمة التحرير بعد إعادة تشكيلها.

- إنشاء إطار جديد مستقل بديل عن السلطة.

- في الحالة الأخيرة، كيف تكون طبيعة العلاقة بين الإطار الجديد والسلطة؟

- كيف يمكن التوصل إلى هذه الصيغة، بالتوافق أم بالانتخابات؟

- إن القيادة المتنفذة في م.ت.ف، والسلطة الفلسطينية لا ترغب في تشكيل إطار موحد حتى ولو كان مؤقتا لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني، لحين إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وعبر الانتخابات.

وجهدنا منصب في هذه الفترة على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة التي تضم الجميع بدون استثناء، ولتكون مقررة وليست شكلية على أن تكون هذه الصيغة جزءا من منظمة التحرير وليست بديلا عنها.

*هناك ثلاثة مشروعات سياسية للتسوية طرحت على الانتفاضة (خريطة الطريق، وثيقة جنيف، ما سمي بمبادرة الإحصاء القومي).

أ): هل هناك أي احتمال لاعتماد أي من هذه المشروعات؟

ب): ما هي الأسس التي يقوم عليها مشروع التسوية الذي تفضلونه؟

- نحن كجبهة شعبية نرفض كل المشاريع المطروحة بدءا من اتفاقيات أوسلو وانتهاء بخريطة الطريق ووثيقة جنيف، والحل كما نراه في تطبيق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها، وكذا القرارات المتعلقة بانسحاب العدو من الأراضي المحتلة عام 67 حتى حدود 4/حزيران بما في ذلك القدس. والحل يجب أن يكون شاملا.

* ماذا إذا طرح مشروع لتدويل القضية الفلسطينية، هل تقبلونه؟ وفي هذه الحالة ما هي شروطكم لقبول مثل هذا المشروع؟ وما هي أسباب رفضكم له في حالة عدم القبول؟

- نحن طرحنا ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينية، ولكن هذا لن يتم؛ لأن الولايات المتحدة ستعطل أي قرار من هذا النوع ممكن أن يتخذ من قبل الهيئات الدولية.

*إلى أي حد أثرت المتغيرات الدولية في مسار الانتفاضة، وعلى مجمل القضية الفلسطينية، وبخاصة احتلال العراق، مشروع الشرق الأوسط الكبير؟

- القضية الفلسطينية بطبيعة الحال تتأثر بأي متغيرات نوعية تقع سواء على الصعيد المحلي أو الدولي "إيجابا أو سلبا حسب المتغير المحدد"، إن مشروع الشرق الأوسط الكبير أحد استهدافاته تصفية القضية الفلسطينية، وتسييد الكيان الصهيوني على المنطقة، ومن استهدافاته الأخرى إلغاء الحلم العربي بقيام كيان عربي واحد (الوحدة العربية) وإلغاء تجسيداتها العملية (الجامعة العربية وغيرها).

وبطبيعة الحال مشروع الشرق الأوسط الكبير خطير.. ويصيب كل الأمة بما في ذلك مستقبلها واستقلالها بالضرر الكبير، ولا بد من مقاومة هذا المشروع ورفضه جملة وتفصيلا؛ لأنه يقع في دائرة نظرية الإدارة الأمريكية المعبر عنها (بإعادة ترتيب أوضاع المنطقة) لتخضع بشكل كامل للمخططات الأمريكية الصهيونية.

 

 

* ما هي أبرز الإنجازات التي تمكنت الانتفاضة من تحقيقها على مدار السنوات الأربع الماضية؟ وما هي بالمقابل إخفاقاتها؟

- لقد استطاعت الانتفاضة تحقيق عدد من الإنجازات منها:

على الصعيد السياسي: تمكنت الانتفاضة من أن تترك مفاعيلها السياسية على صعيد الرأي العام العالمي، حيث الإدانات المتكررة للانتهاكات الإسرائيلية، وعرضت سمعة إسرائيل الدولية إلى مزيد من التراجع، حيث إن الاستطلاعات التي جرت في دول الاتحاد الأوربي تفيد أن 59% من الرأي العام الأوربي، يرون أن إسرائيل هي الدولة الأولى الأخطر على السلام العالمي؛ الأمر الذي أحدث هزة سياسية في داخل الكيان الصهيوني، يضاف إلى ذلك قرار محكمة العدل العليا باعتبار جدار الفصل العنصري الذي تبنيه إسرائيل غير قانوني والحكم بوجوب إزالته.

الانتفاضة هزت الكيان الصهيوني

إضافة إلى أن الانتفاضة عرضت الكيان الصهيوني للعديد من الهزات السياسية، وفي مقدمتها إسقاط حكومة يهود باراك، وكادت حكومة شارون تسقط أكثر من مرة، والإشكالات التي لحقت بشارون إثر رفض الليكود لخطة الانسحاب أحادي الجانب، كما أن الانتفاضة استطاعت أن تكشف حقيقة اتفاقيات أوسلو، وتؤجل خريطة الطريق، وتبعدها عن طاولة الحوارات أو طاولة التفاوض.

كما أن الانتفاضة استطاعت أن تحد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وذلك من خلال إجبار الآلاف من الإسرائيليين على الهجرة المعاكسة لشعورهم بانعدام الأمن حيث هاجر إلى خارج إسرائيل ما يزيد عن 100 ألف إسرائيلي.

وعلى الصعيد البشري، فقد ألحقت الانتفاضة بإسرائيل خسائر بشرية جسيمة، إذ تجاوز عدد القتلى المئات، بينما وصل عدد الجرحى إلى الآلاف، يضاف لذلك المئات الذين أصيبوا بحالات عصبية، وفوق كل ذلك هروب العديد من العسكريين الإسرائيليين من الخدمة ورفضهم أداء الخدمة العسكرية في الضفة والقطاع.

السلطة اعتبرت الانتفاضة أداة وظيفية

وبما أن الانتفاضة هي ظاهرة مجتمعية فإن لها سلبيات كما لها إيجابيات ويمكن لحظ السلبيات التالية:

- عدم قدرة القيادة الرسمية والسلطة الفلسطينية من التعامل مع الانتفاضة بشكل صحيح، واستخدامها كأداة وظيفية لتحسين شروط اللقاءات الإسرائيلية – الفلسطينية، حيث لم تستجب القيادة الرسمية الفلسطينية، وكذلك السلطة الفلسطينية لمتطلبات الانتفاضة والتي تطالب بقيادة موحدة، وبرنامج وطني مقاوم، وبدلا من الاستجابة إلى نداءات الانتفاضة، دأبت السلطة الفلسطينية على المضي قدما في تقديم التنازلات ومطاردة المناضلين، ولم ترتق مؤسسات السلطة الفلسطينية إلى مستوى التضحيات التي قدمها شعبنا.

- انجرار القيادة الفلسطينية وراء الأوهام السياسية، والأفخاخ التي تطرحها إسرائيل وأمريكا، وأهمها اعتبار خريطة الطريق "سيئة الصيت" هي الحل المطلوب للقضية الفلسطينية، ولم تستطع القيادة الفلسطينية استثمار التعاطف العالمي مع الانتفاضة ومع قضية شعبنا.

 

*ما هو مستقبل الانتفاضة في مطلع عامها الخامس؟

أ): هل يجب التمسك بخيار الانتفاضة بشكلها الحالي؟ أم يحتاج الأمر لتعديل ما؟ وما هي الشروط المطلوبة لدعم هذا الخيار؟

ب): هل يجب إحداث تحول إستراتيجي باتجاه اعتماد الكفاح المدني وتعزيز الطابع الشعبي للانتفاضة؟

ج): أم هل يجب منح الأولوية لتطبيق برنامج شامل للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي يشمل السلطة وكل مناحي أوضاع المجتمع الفلسطيني؟

- الانتفاضة ستستمر ما دام الاحتلال جاثما على صدر وطننا وشعبنا وستمر بحالات هبوط وصعود ولكنها لن تتوقف إلى أن يحقق شعبنا أهدافه الوطنية.

* ماذا بعد انسحاب الاحتلال من غزة، إن فعل؟

أ): ما هو شكل الإدارة السياسية الذي ترغبونه؟

ب): هل تستمر المقاومة انطلاقا من غزة؟ وما هي الأساليب التي يمكن اتباعها بعد الانسحاب لكي تستمر المقاومة؟

- رأينا أن الحل يجب أن يكون شاملا، أي تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بدون تجزئة وبدون نقصان.

أما عن إدارة غزة فإدارة غزة يجب أن تقوم على أسس قوانين وأنظمة تنطبق على الضفة وغزة -وليس ابتداع أنظمة خاصة بغزة وأخرى خاصة بالضفة- ومن هنا نحن نرى أن الخطوة الملحة الآن هي تشكيل القيادة الوطنية الموحدة التي تشكل مرجعية مؤقتة للشعب وتقوم بالإعداد للانتخابات وإعادة ترتيب أوضاع البت الفلسطيني وصولا إلى إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير على أسس ديمقراطية.

*هل يمكن أن تستمر الانتفاضة والمقاومة على هذا النحو في ظل الوضع العربي المنسحب والمتقوقع والمشغول بمشكلاته القطرية ومطارداته الدولية؟ وما الذي تعدونه لمواجهة هذا الوهن والوضع غير المسبوق؟

- الوضع العربي الرسمي منهار، وفي هذه الفترة ميئوس منه. ولكن في كل الحالات علينا أن نراهن على الجماهير العربية وعلى الأحزاب والقوى. إن استنهاض الوضع الجماهيري العربي له الأولوية في برامجنا.

وفي نفس الوقت نعتقد أن بإمكان الأحزاب والقوى العربية الضغط على أنظمتها لتغيير سياساتها ومواقفها وخضوعها للإملاءات الأمريكية الصهيونية.

أعتقد أنه من المفيد والضروري أن تقف الأحزاب وقفة مراجعة لبرامجها السياسية والكفاحية وترسيخ الديمقراطية الحقيقية في حياتها الداخلية؛ فالانتفاضة والمقاومة ستستمر مهما بلغت التضحيات والصعوبات؛ لأن كل الخيارات الأخرى فشلت في تحقيق أهداف شعبنا ولم يبق إلا هذا الخيار الذي سنعمل بالتعاون مع القوى الأخرى على تطويره.