الأربعاء 09 أكتوبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

مأمون الهضيبي وعبدالمنعم أبو الفتوح خلال حوارهما مع عبد الرحيم علي... الهضيبي: أمريكا إستغلت أحداث 11 سبتمر للضغط علي كل الحكومات الاسلامية.. أبو الفتوح: الاحداث فرضت علينا جميعًا الاتحاد

نًشر هذا الحوار بموقع"إسلام أون لاين نت" بتاريخ 22 سبتمبر 2009

نشر
عبد الرحيم علي

11 سبتمبر في عيون الإخوان المسلمون

 

حول تأثيرات أحداث الحادي عشر من سبتمبر على الحركات الإسلامية، ومدى ما يمكن أن تكون قد فرضته من رؤى جديدة للتعامل مع واقع جديد، بادرت "إسلام أون لاين" بإجراء حوارين مع اثنين من قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر -كبرى الحركات الإسلامية-، يمثلان جيلين مختلفين في محاولة للتعرف عن قرب على كيفية التقييم السياسي لكلا الجيلين. 

أحداث 11 سبتمبر

في البداية سألنا كلا من المستشار مأمون الهضيبي (نائب المرشد العام للجماعة وعضو مكتب الإرشاد) والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح (ممثل الجيل الثاني داخل مكتب الإرشاد -أعلى هيئة تنظيمية بالجماعة) حول تقييمهما لتأثيرات الحادي عشر من سبتمبر. 

 

التأثير واضح وضوح الشمس 

فقال المستشار الهضيبي: إن الأحداث تسببت في عداء عام لكل ما هو إسلامي، نتج عنه ضغوط من قِبل أمريكا على كافة الحكومات الإسلامية. فقد استغلت أمريكا الحادث أسوأ استغلال. 

المستشار مأمون الهضيبي

"فالإخوان كجماعة وكحركة إسلامية تخضع لما يخضع له كافة الحركات من ضغوط داخلية وخارجية. إننا لا يمكننا الإشارة بشكل واضح إلى تأثيرات خاصة بنا كإخوان مسلمين، ربما يكون عدد القضايا التي قُدمت للقضاء العسكري، وشملت قيادات إخوانية قد زادت في الفترة الأخيرة، ولكنها تظل امتدادًا لما حدث من قبل منذ عام 1995 وحتى الآن". 

 

وأضاف الهضيبي: "إن الجو السياسي العام انعكست عليه الأحداث بشكل واضح. فقد تم منع المظاهرات المؤيدة للانتفاضة الفلسطينية؛ وكذا توقفت عمليات التبرع تمامًا. فنحن نعلم أنهم يريدون التخلص من الإخوان المسلمين؛ باعتبار أننا الجماعة الأم والأكثر قدرة على التعايش والتأقلم مع الواقع السياسي، وبما نتميز به من عقل متفتح وفهم صحيح للشريعة الإسلامية، وكيفية التعامل مع الناس، على عكس أصحاب الدعوات المتطرفة الذين يحملون في داخلهم بذور فنائهم وبوارهم". 

دكتور عبد المنعم أبو الفتوح

وجاءت إجابات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لتوضح أن "الإخوان يتعرضون لما يتعرض له العالم الإسلامي كافة -شعوبا وحكومات- من ضغوط عنيفة تمارسها الإدارة الأمريكية واليمين المتطرف، ممثلا في الرئيس الأمريكي بوش ومعاونيه ديك تشيني وكونداليزا رايس.

 فقد تم الضغط على جميع الحكومات في المنطقة لإجبارها على وجوب مصادرة ومواجهة وتحجيم الحركات الإسلامية، والنظام المصري مثله مثل بقية النظم، لا شك أنه تأثر بهذه الضغوط التي أعلم جيدا أنه يرفضها ويحاول مقاومتها في قرارة نفسه. 

ولكن تحت وقعها الشديد راح يستجيب لبعض منها.. فتم التضييق علينا كإخوان مسلمين؛ فارتفع عدد الذين قُدموا للمحاكم العسكرية منذ الحادي عشر من سبتمبر وحتى الآن بشكل لم يحدث من قبل. وتم حل أكبر عدد من الجمعيات، خاصة في مجال التعليم، ودخل التعذيب لأول مرة منذ ربع قرن كأسلوب للتعامل الأمني مع المعتقلين من كوادر الإخوان؛ وذلك لبث الرعب في القلوب". 

 

 

الحل يكاد يكون مستحيلا 

وحول كيفية الخروج من الأزمة الراهنة والسيناريوهات التي تعتمدها الجماعة للتعامل مع الواقع الراهن، قال المستشار الهضيبي: "إننا نعيش في جو من المحاكمات العسكرية؛ فلا نستطيع القيام بدراسات أو عقد لقاءات علنية لمناقشة الوضع الراهن ووضع تصورات بشأنه".

 وأضاف الهضيبي: إننا لا نستطيع مواجهة هذه الضغوط ونحن نُحكَم بأنظمة غير منتخَبة من شعوبها، فالعمل السياسي لدينا ما زال يوضع تحت بند "الكفاح"؛ فهو دائما ما يعرضك في هذه البلدان إلى السجن والتشريد، بعكس بلدان أخرى استطاعت أن تتجاوز هذه الإشكاليات منذ زمن بعيد. 

هذا وقد جاءت إجابة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لتوضح أن الجماعة تتعرض لظلم وطغيان يمارَسان عليها دون مبرر، لذلك فهي لا تستطيع تحديد سبب الأزمة حتى يمكن تحديد كيفية الخروج منها؛ فهناك دائمًا أزمة ثقة بيننا وبين النظام. "فنحن قد أدنَّا العنف، ورفضنا العمل السري، وتعايشنا مع المجتمع بوصفنا إحدى مؤسسات الدولة المصرية، ندين بالولاء لدستور الدولة، ونحترم قوانينها، ونقف خلف قادتها دفاعًا عنها ضد أي اعتداء خارجي. ومع هذا، فالنظام ينظر إلينا بريبة؛ فهو لا يريد منح أي مساحة لأي قوى نشطة في المجتمع. صحيح أن النظام قوي، لكنه لم يستطع حتى الآن بناء حياة سياسية قوية أو تكوين حزب قوي". 

 

مراجعات الإخوان أكبر من أي حركة سياسية

وحول المراجعات التي قدمها "الإخوان" طوال الفترة السابقة، اختلفت إجابات الرجلين؛ ففي الوقت الذي أكد فيه الهضيبي أن الجماعة منذ مرشدها الأول حسن البنا تؤمن بالديمقراطية والعمل البرلماني، هذا بالإضافة إلى الحريات؛ حيث الإيمان بالحرية الشخصية، والموقف من المرأة، وحقها الكامل في ممارسة العمل السياسي والعام، وكذا الموقف من الأقباط والآخر بشكل عام، خاصة الدول الأجنبية؛ حيث ترى الجماعة ضرورة العيش في سلام معها ولا تقول بالتكفير باعتبارهم أهل كتاب.

 جاءت إجابة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لتؤكد أن الجماعة وحتى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات كانت ترفض الدخول إلى البرلمان، أو ممارسة الحياة العامة، أو الدخول في النقابات. وأن ضغوطًا هائلة مارستها مجموعة الشباب –التي انضمت للجماعة في حقبة السبعينيات- أدت إلى إقناعهم بالرجوع إلى المبادئ الحقيقية للإخوان؛ فكان قرار دخول البرلمان وانتخابات النقابات... الخ. 

 

ويضيف أبو الفتوح أن موقف الأستاذ البنا -رحمه الله- من العمل الحزبي كان موقفًا رافضًا تمامًا، وقال بأن الرفض تم بسبب طبيعة الأحزاب الموجودة وقته، ولكن أبو الفتوح يؤكد أن الرفض كان مبدئيًا، كذلك الموقف من المرأة.

فالإمام  البنا في رسالته عن المرأة كان يرى وجوب مكوثها في المنزل وعدم خروجها منه على الإطلاق. وقد قام الإخوان بتطوير موقفهم من جميع هذه القضايا؛ بالإضافة إلى الموقف من الأقباط الذي أصدر الإخوان بشأنه بيانين: أحدهما في عام 1994 والآخر في عام 1996، عندما نُشر تصريح على لسان المرشد العام الأستاذ مصطفى مشهور يخالف ما كان الإخوان يذهبون إليه من أن العلاقة بينهم وبين الأقباط يحكمها مبدأ المواطنة.. فلهم مالنا وعليهم ما علينا. 

ويوضح أبو الفتوح قائلاً: "وسواء كان المرشد قد قال الكلام الذي نُسب إليه أم أن كلامه حُرِّف يظل هنا القول خطأ ولا نؤمن به. ونحن لا نستطيع أن نقول بأن هذا كان دائمًا موقفنا من الأقباط، وأن الجماعة عندما نشأت كان هذا موقفها.. فهذا قول مغلوط؛ وإنما على العكس، لقد قمنا بتطويره عبر نقاش وحوار داخلي مُضنٍ؛ وهذا في حد ذاته يشكل كمًّا من المراجعات لم يحدث في تاريخ أي حركة سياسية، هذا بالإضافة إلى المراجعات العمومية؛ حيث استطعنا في السنوات الماضية أن نجعل الجماعة جزءًا من المجتمع المصري، ومؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية. 

التغيير الآن.. خطر وغير وطني 

وحول ما يمكن أن تفرضه المناخات -التي خلفتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر من مراجعات يجب أن تقوم بها الحركات الإسلامية، وعلى رأسها "الإخوان المسلمون" للتواؤم مع الواقع  الحالي- أوضح الهضيبى أن أي تفكير في أي تغيير داخلي أصبح خطراً الآن، خاصة أننا لسنا حزبًا شرعيًّا نستطيع عقد اجتماعات أو لقاءات أو انتخابات جمعية تأسيسية لمناقشة المتغيرات الجديدة. 

 

وقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح: "إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر على الرغم من أنها تخص أمريكا وحدها.. فإنها فرضت علينا التركيز على الوحدة الوطنية في مواجهة الهمجية الأمريكية والاستقواء الصهيوني.. فالمهمة موجهة للجميع -حكومات وشعوبًا وتيارات سياسية مختلفة- لا تفرق بين إسلاميين وشيوعيين. وعلينا جميعًا الاتحاد في مواجهة الخطر لحماية أمن مصر القومي. وفى هذا الإطار فنحن نضع أنفسنا صفًّا واحدًا خلف حكومتنا في مواجهة أي تهديد دفاعًا عن مصر. ونحن نحاول التعايش والتأقلم مع الضغوط المفروضة على النظام؛ لأن أي إنسان يفكر في مواجهة مع النظام، أو محاولة إرباكه في هذه الفترة الحرجة.. يصبح غير وطني مهما كان الاختلاف. 

 

فمصر الآن معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى، وليس من الإخلاص أو الوطنية أو الدين أن يتسبب أحد في إضعاف النظام أو مواجهته في الوقت الراهن، وعلى النظام وكافة القوى السياسية أن يفهموا ذلك جيدًا. ولكننا في نفس الوقت نطالب النظام بإعادة النظر في التعاطي مع هذه الضغوط، ونتمنى أن يدعو النظام إلى مزيد من الوحدة ومد الجسور مع كافة القوى الوطنية في مصر، وتفعيل الحوار؛ في محاولة للاحتماء بالشعب في مواجهة الخطر المحدق". 

 

مشكلة "تجديد الدماء" 

وحول ضرورة التغيير في اتجاه إحلال الشباب محل الشيوخ للتصدي للعمل التنظيمي والسياسي داخل التنظيمات السياسية -وعلى رأسها الإخوان- قال المستشار الهضيبى: "إنكم تطالبوننا بأشياء لا نستطيع تحقيقها؛ فنحن لا نستطيع عقد اجتماع أو إجراء انتخابات. وقد سبق أن قُدم 83 إخوانيًّا عام 1995 إلى محاكمة عسكرية بتهمة الاشتراك في انتخابات أجرتها الجماعة. وبخصوص الشباب، فالمراقب لكل القضايا العسكرية يرصد أن جميعهم من الشباب؛ وهم من يقودون العمل الحركي بالفعل". 

 

هذا بينما أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بوضوح في رده على هذا السؤال، أن هذه الظاهرة للأسف ظاهرة مصرية عامة؛ لا تخص الإخوان بشكل خاص. فالمجتمع المصري "أبوي"؛ ولكنه شدد في نفس الوقت على أن جميع قادة المناطق والمحافظات من الشباب، وأن تجديد الدماء يتم بشكل منتظم؛ لكنهم لا يستطيعون الإعلان عنه.