من أرشيف عبد الرحيم علي
حامد البياتي فى حواره لعبد الرحيم على : نحن لا نعتقد أن صدام كان يقاطع إسرائيل كما يتصور البعض
نشر هذا الحوار بتاريخ 04/01/2003
البياتى لعبد الرحيم على: نحن نثمن موقف الدول العربية الرافض للتدخل الأمريكي في العراق .
البياتى: المبادرة الوحيدة تتمثل في إقدام "صدام حسين" على التنازل عن الحكم .
البياتى: نحن لا نعتقد أن صدام كان يقاطع إسرائيل كما يتصور البعض .
التقينا الدكتور حامد البياتي ممثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (شيعي) لنتعرف على تصوره فيما يمكن أن تؤول له الأحداث في مرحلة ما بعد صدام، خاصة مع تصاعد التمثيل الشيعي في لجنة المتابعة، وانعكاسات هذا الواقع على طبيعة العلاقات العراقية الإيرانية في المستقبل، بالإضافة إلى شكل العلاقة المتوقعة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإلى أي حد كانت جهود المعارضة العراقية منسجمة مع المطالب الأمريكية؟ وما هو المدى الذي يمكن أن ينفصم فيه هذا الاتفاق؟.. فكان هذا الحوار:
* في ظل دقات طبول الحرب هل هناك أمل في مبادرة سلمية تطرح بديلاً مقبولاً من الجميع؟
** المبادرة الوحيدة تتمثل في إقدام "صدام حسين" على التنازل عن الحكم، وترك العراق والشعب العراقي يختار حكومته الجديدة بحريته، هذه هي المبادرة الوحيدة المقبولة من وجهة نظرنا.
* إذا كان الرئيس صدام لن يُقبل على فكرة التنازل عن الحكم بإرادته.. فكيف ترون التغيير دون حرب أمريكية مدمرة؟ ولماذا لا يكون التغيير بأيدي العراقيين؟
** نحن نرى أن المعارضة العراقية قادرة على الإطاحة بالنظام، وقد كنا قاب قوسين أو أدنى من هذا عام 1991 عندما قامت قواتنا بتحرير 14 محافظة من أصل "18" خلال أسبوعين، ولولا وقوف أمريكا مع صدام لما استطاع أن يقمع انتفاضتنا. ونحن قلنا للأمريكان في آب/أغسطس الماضي 2002: إن مسئولية التغيير هي مسئولية العراقيين أنفسهم، وقلنا لهم: إن المعارضة تستطيع أن تحسم هذا الأمر، ولكن هل يستمعون إلينا؟ تلك هي القضية المهمة التي يجب علينا مناقشتها.
* إذا كنتم تستطيعون الإطاحة بالنظام.. فلماذا لم تفعلوا حتى الآن؟
** نحن نقاتل بمفردنا كمجلس أعلى "قوات بدر" داخل العراق، ولكن هناك عدم توازن بيننا وبين النظام في الأسلحة والتدريب؛ فالنظام مدعوم من قبل أمريكا منذ بداية الثمانينيات.
ولكن مع هذا نحن يمكننا إسقاط النظام في حالة ما إذا طبقت جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالعراق.. ساعتها سيتمكن الشعب العراقي من إسقاط صدام؛ لأن القرارات تمنع صدام من استخدام الأسلحة الثقيلة وأسلحة الدمار الشامل والكيماوية في مواجهة انتفاضة الشعب، كذلك تمنعه من اعتقال وتعذيب المعارضين، وتطالبه بضمان حقوق الإنسان وحرية التعبير؛ وهذه كلها لو تم ضمان تنفيذها لسقط النظام مباشرة.
* إذا كانت الحرب الأمريكية حتمية.. فماذا عن مستقبل عراق ما بعد صدام؟
** عراق ما بعد صدام حددته الأوراق التي اتفقت عليها المعارضة في مؤتمر لندن خاصة (البيان السياسي) وورقة (الفترة الانتقالية)، وهو عراق دستوري برلماني تعددي يجري اختيار حكومته عن طريق انتخابات حرة ديمقراطية يمارس فيها الشعب حقه في اختيار قيادته بحرية ودون أدنى ضغوط.
رفضنا الرشاوى الأمريكية!
* هناك حديث حول رشاوى أمريكية مٌنحت لعدد من الفصائل.. فماذا عن هذه الرشاوى؟ ومن أجل ماذا تقوم أمريكا بمنح هذه الأموال؟
** بداية.. كل أموال تُدفع من جهة أجنبية لأي فصيل لا بد أن يكون لها ثمن، أقله تشويه صورة المعارضة، والسماح لصدام باستخدام هذه الورقة في حربه الإعلامية التي يشنها علينا، واتهامنا بأننا معارضة عميلة. أما بخصوصنا نحن في "المجلس الأعلى" فقد عرضت علينا أمريكا الأموال والأسلحة والتدريبات، وقد رفضنا كل هذه المساعدات؛ لأن تلقينا أموالا من أي دولة سيشوه موقفنا بالتأكيد؛ وهو ما نسعى إلى تجنبه بالكلية.
* وماذا عن التعاون العسكري بين فصائل المعارضة وأمريكا؟
** إذا كنت تشير إلى إمكانية مشاركة "قوات بدر" مع القوات الأمريكية في الهجوم على العراق؛ فنحن لن نشارك مع أي جهة أجنبية في هجومها على العراق، كما أننا لن نقدم أي دعم لوجستي أو غيره لأي قوات أجنبية، ولكن إذا كنت تتحدث عن تدريبات أو أسلحة فقد سبق أن قلت لك: إنه تم عرض هذه المساعدات علينا ورفضناها.
* لماذا فشلتم في اختيار "مجلس سيادي" ثلاثي مصغر في مؤتمر لندن؟
** لم يكن مطروحًا اختيار "مجلس سيادي" في مؤتمر لندن؛ لأن المجلس السيادي لن يتم انتخابه إلا عقب سقوط صدام حسين، أما قبل هذا فستكون هناك لجنة قيادية مصغرة سيتم اختيارها في الاجتماع القادم للمعارضة في كردستان العراق في الخامس عشر من يناير المقبل 2003، وهذه اللجنة لن يزيد عددها في أغلب الأحيان عن "12 عضوًا" حتى يتسنى لها التواصل وحسن القيادة، وتمثيلها سيكون بنفس نسب التمثيل التي اتفقنا عليها ونفذناها في مؤتمر لندن، "وهي نفس نسب الاختيار التي تم اعتمادها في المؤتمر الأول للمعارضة، مؤتمر صلاح الدين عام 1992".
* ماذا إذن بشأن العلاقة مع دول الجوار والدول العربية والإسلامية في عراق ما بعد صدام؟
** ستعتمد بالأساس على مبدأ "حسن الجوار"، وهذا ما أقره مؤتمر المعارضة في لندن خاصة مع الدول التي عانت من جراء حروب نظام صدام حسين معها مثل إيران والكويت.
* ولكن هناك تخوفات مطروحة بشأن إدارة هذه العلاقة، أولها يتعلق بعلاقة "عراق ما بعد صدام" بإيران، خاصة مع استحواذ "المجلس الأعلى" على 40% من نسبة التمثيل في لجنة المتابعة، وبالتالي في اللجنة القيادية مع ما لهذا الفصيل من علاقة خاصة مع إيران!
** بداية.. نحن نحاول أن نحافظ على علاقة متوازنة مع جميع الدول المجاورة، وقد زار وفد من "المجلس الأعلى" على رأسه السيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس كلاً من الكويت والسعودية في هذا الإطار، كذلك قمنا بزيارة تركيا، وهناك اتصالات مستمرة مع كافة دول المنطقة. أما ما يخص حصولنا على نسبة 40% فإن هذه النسبة تخص جميع الإسلاميين وليس المجلس فقط، منها 33% للشيعة، و7% للسنة، ونحن نقوم بترشيح شخصيات تمثل هذين الرافدين ممن يتمتعون بالوطنية والسمعة الحسنة.
* ماذا عن الدول العربية؟ هناك من يخشى ابتعاد العراق عن دائرته العربية بعد سقوط النظام؟!
** نحن نثمن موقف الدول العربية الرافض للتدخل الأمريكي في العراق، انطلاقًا من حرص العرب على العراق وشعبه، كما أننا نشارك الدول العربية رفضها هذا التدخل الذي سيضر بالشعب العراقي أولاً، كما أننا لا ننسى موقف الدول العربية التي آوت بعض عناصر المعارضة العراقية في الوقت الذي كانت فيه أمريكا تدعم نظام صدام في الثمانينيات.
أما بقية الدول التي ساعدت وما زالت تساعد نظام صدام؛ فنحن نقول لها: إن الأفضل لها وللعراق أن تساعد وتدعم المعارضة العراقية والشعب العراقي؛ لأن المستقبل للشعب لا لصدام ونظامه، وبالتالي فنحن لا نرى أي مبرر لهذا التخوف من أن ينسلخ العراق عن محيطه العربي.
* أخيرًا.. ماذا عن إسرائيل، خاصة أن هناك من اقترح داخل المؤتمر إقامة علاقات طبيعية معها بعد إسقاط النظام؟!
** أولاً: نحن لا نعتقد أن صدام كان يقاطع إسرائيل كما يتصور البعض من الإخوة العرب، بل نعتقد أن صدام لديه صلات عديدة سرية مع إسرائيل، هذا بالإضافة إلى أنه أسدى لهم عددًا من الخدمات الجليلة عندما اعتدى على الكويت.
ثانيًا: هذا الموضوع لم يطرح بشكل كامل في المؤتمر، والورقة التي ألمحتم إليها هي وجهة نظر شخصية لم يناقشها المؤتمر، ولم يعتمدها ضمن أوراقه، وما ذكر عن إسرائيل جاء في كلمة السيد "باقر الحكيم" الذي طالب فيها بضرورة حل المشكلة الفلسطينية حلاً عادلاً وعدم استغلال الأوضاع في العراق لصالح إسرائيل.
ثالثًا: نحن نعتقد أن هذا الموضوع من الموضوعات الحساسة والإستراتيجية التي يجب أن يرجع فيها للشعب العراقي قبل اتخاذ أي قرار بشأنه، وهذا لن يتم إلا بعد إسقاط النظام وانتخاب حكومة جديدة نابعة من الشعب العراقي ومعبرة عنه.