الخميس 25 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

بعد 19 عامًا من غزو العراق.. ننشر حوار عبدالرحيم علي مع رئيس الاتحاد الإسلامي الكردستاني حول مستقبل العراق

نُشر هذا الحوار بتاريخ 4 يناير 2003

نشر
عبد الرحيم علي

رئيس الاتحاد الإسلامي الكردستاني: المجال السلمي أمنية للجميع ولكنه مستبعد لأن نية العمل العسكري موجودة بشدة لدى أمريكا

استيقظ العالم العربي في  20 مارس 2003 على أزمة مفجعة، بعد أن منح الرئيس الأمريكي حين ذاك جورج بوش، صدام حسين، مهلة 48 ساعة لمغادرة العراق، أو مواجهة الحرب، وقامت الصواريخ الأمريكية فى 20 مارس بقصف أهداف فى بغداد، متجاوزة بذلك القانون الدولى، بحجة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل لغرض السيطرة على العراق وتدميرها والسطو على ثرواتها، وتوغلت القوات الأمريكية فى العراق حيث تمكنت من السيطرة على ثلاثة قصور رئاسية فى بغداد.

كان تبرير الولايات المتحدة آنذاك هو امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل "السلاح النووى"، رغم تصريح كبير مفتشي الأسلحة في العراق "هانز بليكس" أن فريقه لم يعثر على أسلحة نووية وكيمياوية أوبيلوجية ولكنه عثر على صواريخ تفوق مداها عن المدى المقرر في قرار الأمم المتحدة (150 كم) المرقم 687 في عام 1991 وكان العراق يطلق على هذه الصواريخ اسم "صواريخ الصمود".

وفى إبريل عام 2003، دخلت القوات الأمريكية "مدينة صدام"، بعد انسحاب العراقيين منها، وسط مزاعم بأن قيادات الجيش الأمريكى تمكنت من إبرام صفقات مع بعض قيادات الجيش العراقى الذى اختفى فجأة، ووصلت الدبابات الأمريكية إلى وسط العاصمة بغداد في ساحة الفردوس، وتم اقتلاع تمثال ضخم من البرونز لصدام حسين، بواسطة عربة مدرعة أمريكية، وفي اليومين التاليين لسقوط بغداد، تم سقوط كركوك والموصل، وفي ديسمبر 2003، تم اعتقال صدام حسين فى "تكريت".

 

الاتحاد الإسلامي الكردستاني: لا أمل بأي مبادرات

التقينا السيد "صلاح الدين بهاء الدين" رئيس الاتحاد الإسلامي الكردستاني (كردي)، لنتحاور معه حول مستقبل العراق، وهل سيكون عراقًا أمريكيًا منسلخًا عن محيطه العربي والإسلامي خاصة إيران وتركيا.

وفيما يلي نص الحوار: 

* في ظل دقات تسارع طبول الحرب.. هل هناك أمل في طرح مبادرة لحل سلمي للأزمة العراقية يبعد شبح الحرب؟

** المجال السلمي مع أنه أمنية للجميع، ولكنه في رأيي مستبعد؛ لأن نية العمل العسكري موجودة بشدة لدى أمريكا، وهو مرجح عندهم على أي حل آخر. 

 

* إذن.. ماذا عن مستقبل عراق ما بعد صدام إذا كانت الضربة واقعة لا محالة؟ 

** في الحقيقة إذا وقعت الضربة فمن غير المعلوم كيفيتها وحجمها، وهذه الأمور معرفتها ضرورية للتحكم في صياغة تكهناتنا حول المستقبل. 

على سبيل المثال مسألة تركيا ومشاركتها في تلك الحملة لها تأثيرها السلبي على المنطقة التركية؛ حيث إن لتركيا أطماعها الخاصة في هذه المنطقة. 

والقضية الأخرى تتعلق بمدى مشاركة القوات الشيعية (قوات بدر): هل مسموح لها بالمشاركة أم لا؛ لأن اشتراكها في الحرب قد يؤدي إلى حرب أهلية في المنطقتين (الجنوبية والوسطى) على الأقل. والأمريكان يعرفون هذه الأمور ويتوقعونها.. فما هي خططهم في مقابل هذه التوقعات؟ 

المسألة الثالثة –وهي الأخطر- إذا لم تكن الضربة حاسمة وأدت الحرب إلى طول بقاء النظام في السلطة ومقاومة الهجوم الأمريكي؛ فإن ردة فعل النظام عسكريًا ستكون رهيبة؛ فقد يقدم على استخدام كافة ما يملكه من أسلحة (كيماوية وبيولوجية)، وفي هذه الحالة سيتولد وضع غاية في الخطورة في المنطقة ككل. 

الأمر الرابع يخص المنطقة الكردية التي ستظل طوال فترة الحرب تحت رحمة النظام؛ فالأكراد لم يحصلوا على أي مظلة وقائية حتى الآن، وأعتقد أن هذه الأمور الأربعة (تركيا وإمكانية احتلالها للمنطقة الكردية – واشتراك إيران من خلال فيلق بدر - واحتمال نشوب حرب أهلية - وردة فعل النظام العسكرية) من أهم النقاط التي لا يمكن التنبؤ بالمستقبل دون الحصول على إجابات ومعلومات واضحة بشأنها. 

 

 

* ولكن ألا يمكن التكهن بما ستكون عليه الفترة الانتقالية؟ 

** الفترة الانتقالية هي فترة مرحلية قد يعطى لبعض الجهات فيها دور أبرز من أخرى، ولكن يظل هذا الدور مرحليا، وفي كل الأحوال لا يمكن أن نعول عليها في شيء، خاصة أن المؤتمر وضع برنامجًا واضحًا إذا تم التعامل معه فستمر الفترة بهدوء، ولكن الشيء الأساسي يظل من وجهة نظري متمثلاً فيما ستسفر عنه الضربة من مضاعفات أو مخاطر. 

 

 

* ماذا عما تردد عن وجود رشاوى أمريكية قدمت لعدد من الفصائل مقابل وظائف معينة يؤدونها للإدارة الأمريكية؟ 

** نحن لم نطلع على مثل هذه الأمور، ولكننا نعرف أن هناك 6 فصائل كانت مشتركة في مشروع كلينتون المعروف بمشروع "تحرير العراق"، وقد تم إضافة 6 فصائل أخرى لهم، فساروا 12 فصيلاً يجري دعمهم ماليًا من قبل أمريكا في مقابل اشتراكهم عسكريًا في تفاصيل هذا المشروع، وهذه الفصائل معروفة ومعلنة. 

* ما هي هذه الفصائل بالتحديد؟ 

** هذا ليس سرًا؛ فهناك الفصائل الستة التي نظمت ونسقت مؤتمر المعارضة الذي عُقد أخيرًا في لندن، وأضيف إليهم 6 آخرون، هم: حركة الوفاق الإسلامي، وجماعة مضر شوكت، والحركة الآشورية، والجبهة التركمانية، والضباط الأحرار (مجموعة نجيب الصالحي). 

 

* ماذا عن التعاون العسكري بين الإدارة الأمريكية وفصائل المعارضة؟ 

** هذه مسائل مخابراتية قد تكون بين أمريكا والفصائل المتعاونة معها والممولة من قبلها، وأعتقد أن دورها لن يتعدى مسائل الاستكشاف والاستطلاع، ولن يتعدى هذا إلى المشاركة في عمليات عسكرية. 

 

 

* كان من المفروض اختيار "مجلس سيادي" مصغر.. لماذا فشل المؤتمر في إنجاز هذه الخطوة؟ 

** المجلس السيادي لم يكن مطروحًا في المؤتمر، ولكن في الاجتماع القادم للجنة (15 يناير)، ثم الاتفاق على اختيار لجنة قيادية (مكونة من 10 أفراد في حدها الأقصى)، وسنحاول أن تكون هذه اللجنة ممثلة لكافة التيارات السياسية الرئيسية في العراق حتى تستطيع أداء عملها بإيجابية. 

* ماذا عن دول الجوار مثل إيران وتركيا والعلاقات بينهما وبين عراق ما بعد صدام؟ 

** يتحكم في رسم هذه العلاقة دور هاتين الدولتين فيما سيحدث في العراق في الفترة القادمة، خاصة الدور التركي؛ لأنه مشارك. 

أما الدور الإيراني فيعمل بشكل خفي من خلال وسائط أخرى، كما سيتحكم أيضًا في شكل هذه العلاقة نوعية النظام الجديد ومشروعه السياسي، فإذا استقر نظام علماني في العراق فسيكون للعلاقات مع تركيا أولوية مطلقة في الفترة القادمة، أيضًا فإن المجلس الأعلى له علاقاته الوثيقة بإيران، بالإضافة لدوره المتعاظم في عراق المستقبل، وهو ما قرره مؤتمر لندن.

 صحيح أن خطة أمريكا تسعى لسلخ المجلس الثوري عن علاقته هذه بإيران، وقد تحقق هذا بشكل ظاهري –على الأقل- إلا أنه يبقى العمق الإستراتيجي في العلاقة المرتبط بالمشروع السياسي خاصة فيما يتعلق "بولاية الفقيه، وتمثل المشروع الإيراني في الحكم"، هذه كلها أشياء لا يمكن بدون اتضاحها أن يتم أي تنبؤ بما سوف يحدث على صعيد هذه العلاقة. 

 

* وماذا عن إسرائيل، خاصة أن هناك من يطرحون ضرورة إقامة علاقات طبيعية معها في الفترة القادمة؟ 

** لم تقدم في المؤتمر أي أوراق رسمية في هذا الاتجاه؛ فالمؤتمر صدر عنه ورقتان (بيان سياسي – وبرنامج للمرحلة الانتقالية). أما الأوراق الأخرى فهي شخصية وغير معتمدة، بالطبع هناك أصوات تنادي بوجوب إقامة علاقات طيبة مع إسرائيل –خاصة أصدقاء أمريكا- ولكننا لا نتوقع سوى علاقة بمثل ما هو موجود بين بعض البلدان العربية وإسرائيل، أما تطبيع كامل فهذا ما لم نسمع أحدًا يقول به. 

 

* هل يمكن في إطار عراق المستقبل أن ينسلخ النظام الجديد عن المنطقة العربية بسبب التوجهات الأمريكية؟ 

** هذا التخوف نابع من تصور أن عراق ما بعد صدام سيكون أمريكيًا بالأساس، والأمر في تصوري أن العراق سيكون جزءًا من المشروع التغييري الأمريكي في المنطقة، ولا أستبعد أن يطبقوا نموذجهم الأمريكي الصرف، لكن أن ينسلخ العراق عن محيطه العربي أو الجامعة العربية فلا أعتقد هذا، ولكن في نفس الوقت لا أستبعد أن تكون العلاقة بين عراق المستقبل والمحيط العربي كما كانت العلاقة بين عراق صدام والمحيط العربي، ولا أعتقد أنه يمكنه الابتعاد أكثر من هذا؛ فقد جاوز صدام كل مسافات الابتعاد الممكنة.