الثلاثاء 08 أكتوبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

ننشر حوار عبد الرحيم علي مع ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي

نُشر هذا الحوار في موقع "إسلام أون لاين نت" بتاريخ 11 مايو 2005

نشر
ممثل حركة الجهاد
ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان "أبو عماد الرفاعي"

حماس والجهاد.. والحوار مع أمريكا

الرفاعي: أمريكا تلتف على قوى الممانعة

أعرب ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان "أبو عماد الرفاعي"، عن شكوكه تجاه الأهداف الأمريكية من الحوار مع الإسلاميين، حيث يعتبره محاولة أمريكية للالتفاف على قوى الممانعة وحركات التحرر في المنطقة تشبه ما قامت به مع الأنظمة العربية سابقا، وأضاف أنه لا يمكن الحديث عن ضوابط لهذا الحوار دون توقف الولايات المتحدة عن دعمها المطلق لإسرائيل وعدم التدخل في شئون المنطقة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإلغاء عنصريتها ضد العرب والمسلمين وإنهاء وجودها العسكري بالمنطقة؛ لأنه بدون ذلك لن تنجح الإدارة الأمريكية في تخفيف حدة العداء والكراهية الموجودة الآن لدى العالم العربي والإسلامي تجاه الولايات المتحدة.

وشدد "الرفاعي" على أهمية الحوار مع النظم العربية الحاكمة واستنهاض الجماهير كآلية للتغيير والإصلاح الذي يجب ألا يكون مفروضا أو مطلوبا من الخارج بأي شكل من الأشكال.

وفيما يلي نص الحوار:

*كيف تقرأون التصريحات الأمريكية الأخيرة حول قبول الحوار مع الإسلاميين المعتدلين بالمنطقة؟ وما هي دوافع هذا الحوار من وجهة نظركم؟

-بداية لا بد من تحديد المقصود من مصطلح الاعتدال، وهل المعتدل هو الذي يرضى بالسياسة الأمريكية الساعية للهيمنة على مقدرات الأمة أم المتمسك بثوابتها والمدافع عن تطلعات أبنائها وحقهم في تحرير بلادهم؟! ولذلك فنحن لا نرى أن هناك انقلابا أو تعديلا في السياسة الأمريكية بل مجرد محاولة للالتفاف على قوى الممانعة وحركات التحرر في المنطقة على غرار ما فعلت مع النظام العربي عندما دفعته إلى الانصياع لسياستها العدائية في المنطقة.

ولا شك أن فشل المشروع الأمريكي بالعراق قد دفع الإدارة الأمريكية إلى التفكير في آليات وخطط جديدة ورصد موازنات مالية طائلة من أجل تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم العربي. 

وباعتقادي أن كل هذه المحاولات لن تلقى نجاحا في تخفيف حدة العداء والكراهية للولايات المتحدة طالما لم يحدث تغيير جوهري في سياستها الداعمة للإرهاب الإسرائيلي ووقف ممارساتها العدوانية ضد أبناء أمتنا العربية والإسلامية ونهب خيراتها وثرواتها.

رغم كل ذلك نقول بأننا سنكون سعداء في حال غيرت الإدارة الأمريكية من سياساتها تجاه المنطقة وتوقفت عن سياسة التدخلات في الشئون الداخلية ولم تعد شريكة لإسرائيل في عدوانها على شعبنا الفلسطيني وأقرت بحقوقه، وعندها يمكن الحديث عن فتح صفحة جديدة.

 

*هل ترون أن هناك فرصة إذن للحوار مع الولايات المتحدة؟ وما هي الأسس التي تقبلون بها للدخول في هذا الحوار؟

-نحن نقول صراحة إنه رغم مشكلة أمتنا مع الغرب عموما نتيجة التجارب السابقة التي تعرضت لها أمتنا من الاستعمار الغربي، فإن نظرتنا اليوم إلى أوربا تختلف عن النظرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ونرى أن فرص الحوار مع أوربا أكبر منها مع أمريكا، فأمريكا تحمل نظرة عداء ورؤية استعمارية عنصرية لأمتنا العربية والإسلامية وتتبع سياسة منسجمة تماما مع هذه الرؤية عبر الدعم المطلق واللامحدود للعدو الإسرائيلي وممارساته الإرهابية، أما أوربا ورغم مصالحها الواضحة في المنطقة، فإنه يمكن الحديث عن مصالح متبادلة.

أما أهم الضوابط المطلوب توافرها فهي أن تعترف أمريكا بالحقوق الفلسطينية وأن توقف دعمها للكيان الصهيوني وألا تتعامل مع المنطقة بمكيالين وأن تعمل على إنهاء احتلالها وتواجدها العسكري بالمنطقة.

 

*هل يوجد نقاط التقاء بينكم وبين الولايات المتحدة يمكن البناء عليها لبدء الحوار، وما هي طبيعة تلك النقاط؟

-الشعارات والعناوين التي تتغنى بها الإدارة الأمريكية اليوم مثل حقوق الإنسان والحرية والعدالة والمساواة... إلخ لا تتعارض مع ثقافتنا وشريعتنا وتراثنا، ولكن أمريكا تمارس سياسة متناقضة كليا مع هذه الشعارات على أرض الواقع، حيث نجد القتل والإجرام والعدوان وسياسة بث الفتن والفرقة والنزاعات العرقية والمذهبية والطائفية من أجل إشعال المنطقة وإدخالها في دوامة من العنف.

 وعلى سبيل المثال دخلت أمريكا العراق تحت ادعاءات نشر الديمقراطية والرخاء الاقتصادي والرفاهية، وها هو العراق الذي كان دخله من عوائد البترول بمليارات الدولارات يقع الآن تحت خط الفقر، وهذا المشهد يتكرر في أفغانستان وغيرها من الدول.

 

 

*من حديثكم تبدو نقاط الالتقاء غير واردة الآن، فما هي إذن نقاط الخلاف الرئيسية؟   

-هناك نقاط كثيرة ومتعددة نجد من الصعوبة بمكان حصرها في مثل هذه الإجابة ولكن يمكن القول إن من أهم هذه القضايا:

- موقفها من إسرائيل والدعم اللامحدود الذي تقدمه لها.

- تجاهلها حقوق شعبنا الفلسطيني.

- الرؤية والنظرة الأمريكية للمنطقة وأطماعها في الهيمنة على ثرواتها ومقدراتها.

- موقفها من حركات المقاومة في المنطقة.

- التدخلات الأمريكية المتواصلة في الشئون الداخلية لبلادنا.

- الفتن والقلاقل التي تبثها وتزرعها الإدارة الأمريكية في المنطقة.

- العنصرية ضد العرب والمسلمين.

 

*ما هي آليات التغيير التي تفضلونها، الاستعانة بالجماهير أم الحوار مع الأنظمة، وما هي أسبابكم في تلك الحالتين؟

-نحن نرى أن على القوى التغييرية إذا أرادت التغيير الحقيقي أن تستخدم الأسلوبين معا، الحوار مع الأنظمة واستنهاض الجماهير كآلية حتمية للتغيير.

 ففي كثير من الأحيان كان الحوار مع الأنظمة بلا جدوى نتيجة عدة عوامل وأسباب تتعلق ببنية وهيكلية هذا النظام وآلية تعاطيه مع شعبه، فأسلوب الحوار مع مجمل الأنظمة العربية كان يبوء بالفشل، ومن هنا نحن نرى أن لا نلغي فكرة الحوار مع النظام رغم كل ما يعانيه من تخلف، وأن لا نبتعد عن دور الشارع وتوعيته من أجل الضغط والتأثير على النظم العربية بوسائل وأساليب حضارية من أجل أن يقبل بالتغيير الذي ينسجم مع تطلعات الشعوب التي تنادي بإرساء نظم تحقق لشعوبها التطلعات والآمال والطموحات التي تنسجم وتتناسق مع فكرها وعقيدتها وتاريخها.

*ما هي رؤيتكم حول فرض الإصلاح من الخارج؟ وهل يمكن أن تكون الاستعانة بالخارج بديلا مطروحا؟

-لقد أثبتت التجارب السابقة لكثير من شعوب المنطقة أن الاستعانة بالخارج لم تأت لها بخير ولم تحقق لها تطلعاتها وآمالها في تحقيق التغيير المنشود، فالغرب لا ينظر إلا لمصالحه ولا تعنيه مصالح شعوبنا من قريب أو بعيد، وقد رأينا في حقب مختلفة كيف استنفر الغرب لدعم سلطات مستبدة رافضا وصول القوى التغييرية في هذه البلاد إلى السلطة رغم أنها أتت عبر الطرق الديمقراطية، وباعتقادنا أن الديمقراطية أو الإصلاح لا يمكن أن يكون مقبولا إلا إذا كان طبقا لأجندة داخلية.

 ولا ينبغي أن تكون الاستعانة بالخارج أمرا مطروحا على الإطلاق ولا يصح بأي حال من الأحوال اللجوء إليه الآن أو مستقبلا.