السبت 20 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

نعيد نشر الحوار.. عبد الرحيم علي لـ" رفيق حبيب " أول قبطي انضم لتحالف الإخوان: ألم تقرأ فتوى عبد الله الخطيب بهدم الكنائس!

نشر هذا الحوار بتاريخ 2-7-2005 المصدر: الشرق الأوسط

نشر
عبد الرحيم علي

رفيق حبيب: جماعة الإخوان تراجع نفسها بشأن الأقباط والأحزاب مفهوم غربي لا يصلح للمنطقة العربية
حبيب: هناك وجهات نظر جديدة داخل الجماعة تعترف بحقوق المواطنة كاملة للأقباط المصريين
أكد الدكتور رفيق حبيب، أول قبطي ينضم لتحالف الإخوان المسلمين في مصر، أن الفترة المقبلة سوف تشهد مراجعات هامة من قبل الجماعة في ما يختص بقضايا الأقباط، وأضاف في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» أن الدعاية الإعلامية المضادة هي التي دفعت الأقباط للخوف من الجماعة، وأعرب حبيب، نجل رئيس الطائفة الإنجيلية السابق وأحد المفكرين الأقباط المثيرين للجدل في مصر لـ{الشرق الأوسط} في القاهرة عن اعتقاده بأن تيار الإسلام السياسي وفى القلب منه جماعة الإخوان المسلمين، أكثر التيارات تعبيرا عن المشروع الحضاري للأمة، ودعا أقباط مصر إلى التخلي عن روحهم المحافظة تجاه جماعة الإخوان وتجنب الخوف والاندراج في مشروعهم الوطني، على حد تعبيره، واتهم التنظيمات والأحزاب السياسية كافة في مصر باعتماد النموذج السياسي الغربي الذي لا يصلح، وفق وجهة نظره، للمجتمعات العربية، مشيرا الى أن الأخوان وحدهم استطاعوا المزج ما بين شكل التنظيم الصالح لتلك المجتمعات ـ نموذج الجماعة المغاير للحزب السياسي ـ والمشروع الفكري المتناغم مع الخصوصية الحضارية للأمة ـ المشروع الحضاري الإسلامي ـ وأعلن حبيب أنه سيكون أول قبطي ينضم الى حزب الإخوان المسلمين في حالة السماح به قانونا. وفي ما يلي نص الحوار: 
* ما هى مبرراتك ـ وأنت القبطي المصري ـ للانضمام لتحالف الإخوان، وقبله لحزب الوسط، ذي المرجعية الإخوانية آنذاك؟ 
ـ باختصار لأننى أعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين أكثر التيارات السياسية في مصر والوطن العربي تعبيرا عن المشروع الحضاري للأمة شكلا ومضمونا. 


* كيف؟ 
شكلا باتخاذها نموذج الجماعة ـ الشامل ـ وعاء تنظيميا للعمل، فنحن في المنطقة العربية لا يصلح معنا نموذج الحزب السياسي التقليدي المستورد من الغرب والذي يحمل قيمهم السياسية أكثر مما يعبر عن قيمنا نحن، ومن جهة المضمون فنحن أمة ذات أبعاد أخلاقية وتقاليد راسخة في الزمن مستمدة جميعها من الإسلام كحضارة ودين على السواء والإخوان يستمدون مشروعيتهم الفكرية من هذه الحضارة العريقة. 
* وألا تستمد التنظيمات السياسية الأخرى في مصر كأحزاب الوطني والوفد والناصري والتجمع ـ على سبيل المثال ـ مشروعاتهم من قيم هذا المجتمع وتقاليده ؟ 
ـ أعتقد بأن جميع التنظيمات السياسية في مصر - مع احترامي الكامل لها ـ أخذت بنموذج الحزب السياسي وهو نموذج غربي يعبر عن قيم وأخلاقيات أخرى يغلب عليها الصراع والتطاحن، وهو نموذج لا يصلح لتربتنا الاجتماعية. 
* نعود إلى دعوتك الأقباط للتعاطي مع المشروع الإخواني، كيف يمكن ذلك ولم يحسم الإخوان بعد موقفهم من مفهوم الذمة؟ 
ـ أعتقد أن الإخوان المسلمون قد قطعوا شوطا كبيرا في هذه القضية، وأنهم قاب قوسين أو أدنى من حسمها بشكل كامل، وأزعم أننا سوف نشهد في الأيام القليلة المقبلة مراجعات هامة في هذا الإطار، ولكن كما تعرف فإن جماعة بهذا الحجم دائما ما تكون خطواتها نحو التغيير ـ خاصة عندما يكون جذريا ـ بطيئة نسبيا. 
* ولكن كلمات مصطفى مشهور وآراء مشهور الهضيبي وآخرين من قادة الجماعة المؤكدة على مفهوم أهل الذمة وضرورة تحصيل الجزية ـ المخالف لمفهوم المواطنة ـ ما زالت حاضرة في الأذهان؟ ـ أعتقد أن الجماعة كانت من الشجاعة بحيث ردت على أفكار الأستاذ مشهور في حينه، والمبادرة الأخيرة للمرشد الحالي مهدي عاكف فيها تعبيرات معقولة في ما يتعلق بهذه القضية مثل ـ الأقباط لهم ما لنا وعليهم ما علينا ـ ثم إن برنامج حزب الوسط الذي أمتدحه الجميع ـ وكان خطوة هامة لتأكيد مفهوم المواطنة ـ هو نفسه برنامج الإخوان المسلمون، وإخواننا في الوسط يعرفون ذلك جيدا. 

 


* ألا تتفق معي في أن عبارات مثل ـ لهم ما لنا وعليهم ما علينا ـ عبارات مطاطة لا تحفز الأقباط على تلبية دعوتك بنبذ الخوف والإقبال على مشروع الجماعة؟ 
أوافقك الرأي، ولكن لأني قريب من الجماعة أعلم أن هناك وجهات نظر جديدة تتفاعل الآن داخلها، تعترف بحقوق المواطنة كاملة للأقباط المصريين في إطار المشروع الوطني ككل، وهذه الآراء كما قلت لك في طريقها للخروج الى النور. 
* لم تقرأ يا دكتور فتوى الشيخ عبد الله الخطيب عضو مكتب إرشاد الجماعة الحالي الخاصة بمنع بناء الكنائس في مصر وهدم الموجود منها، خاصة في البلاد التي تم فتحها كالإسكندرية ؟ 
ـ هذه فتاوى قديمة قيلت في ظروف مختلفة وأعتقد أن الجماعة في طريقها لبلورة موقف واضح كما قلت لك من كل هذه القضايا. 
* ولكن هذه الفتوى ما زالت هي السارية والمعتمدة داخل صفوف الجماعة، وصاحبها ما زال يعتبر مفتي الجماعة ويحتفظ بمقعد دائم داخل مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنظيمية في الجماعة)؟ 
أنا لا آخذ الفتوى من أعضاء مكتب الإرشاد وإنما من الأوراق المعتمدة من الجماعة، ولا توجد ورقة معتمدة داخل الجماعة حتى الآن تقول بما يقوله الشيخ الخطيب، الأمر الذي يعني أنه رأي شخصي يخص الشيخ وحده ولا علاقة للجماعة به. 


* بصراحة، ما الذي تسعى إليه من وراء دعوتك للأقباط عدم تأسيس مشروع خاص بهم والاندماج في مشروع الإخوان الوطني؟ 
ـ أنا أريد أن أنزع فتيل أي صراع أهلي محتمل، فعندما يحاول الأقباط تأسيس مشروع مستقل سيكون مشروعا طائفيا بالأساس، وهذا سيشعل الموقف في مصر، وعندما يعادون مشروع الإخوان السياسي انطلاقا من خوفهم على وضعيتهم الإنسانية والاجتماعية فهذا سيحفز ضدهم أصحاب المشروع الوحيد القابل للتحقق على أرض الواقع، وهذا يضر بهم كمواطنين مصريين، ويجعلهم في النهاية يستعينون بالأجنبي في لحظة فارقة انطلاقا من دواع طائفية، الأمر الذي سوف يعزلهم وطنيا. 
* ولكن كيف يفعل الأقباط ذلك في الوقت الذي ترفض فيه الأحزاب والقوى السياسة كافة الانضمام للتحالف، بل يسعى البعض وفي مقدمتهم الحكومة الى عزل الجماعة؟ 
ـ الحكومة والقوى الأخرى، فصائل سياسية، والمعركة هنا بين فصيل سياسي وفصيل آخر، ولكن الأقباط طائفة دينية وهنا الصراع يتحول بين أغلبية دينية وأقلية، الأمر الذي يمكن أن يدفعها في النهاية الى الاستعانة بالأجنبي الذي سيقطع أواصر علاقتها بالمشروع الوطني برمته وسيلقي بها في أتون العزلة، وهنا خطورة وضعية الأقباط. 
أما مسألة مقاطعة القوى السياسية لتحالف الإخوان فلها أسبابها الخاصة، وفى مقدمتها الخوف من شعبية وقوة الإخوان، الأمر الذي تخشى معه هذه القوى من أن يتحول التحالف ليصب نتائجه الإيجابية في صالح الإخوان فقط. 
* أخيرا، ماذا تقول لمن يردد أنك «تذهب للحج والناس عائدون»، حيث أكثر الأقباط الذين تعاملوا مع الجماعة والتيار الإسلامي بشكل عام عادوا وفي جعبتهم مرارات عديدة؟ ـ أقول إن السبب في هذا أن الذين تعاملوا مع الإخوان أو مع التيار الإسلامى من الأقباط في السابق جاءوا الى الجماعة ولديهم برنامج فكري وسياسي مختلف، وهؤلاء يمكن القول إنهم متعاونون من الخارج، أما بالنسبة لي فلقد أتيت وأنا متوافق فكريا ومنهجيا، ولذا فأنا أتعامل من الداخل وأدعو الأقباط للتعامل مع الجماعة من هذا المنطلق، حتى ينجح التوافق.