من أرشيف عبد الرحيم علي
شفاف الشرق الأوسط في حواره مع عبد الرحيم علي .. الخديعة والمخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف
نشر هذا الحوار بموقع شفاف الشرق الأوسط عام 2009
عبد الرحيم علي في حواره لشفاف الشرق الأوسط: لم تطرح حتى الآن مبادرة من الجماعات الإسلامية بدون ضغط.. الخديعة والمخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف
تداولت الأوساط المصرية مؤخراً إمكانية قبول الجماعات الإسلامية بما فيها جماعات العنف التي يقضي أعضاؤها عقوبات تمتد إلى المؤبد. كما طرحت الجماعات الإسلامية مبادرات إسلامية من داخل السجون خلال السنوات الماضية. وهذا، بالإضافة إلى مبادرة جماعة الإخوان المسلمين(والتي هي في الأساس البرنامج الانتخابي للمرشد الراحل مأمون الهضيبي). وهناك من كتب عطفا على مشروع الإخوان، وهناك من يقول بإمكانية إشراك التيار الإسلامي في العملية الديمقراطية، وهناك من يقول عكس ذلك بل يتخوف من تلك الكتابات التي تؤيد وتشجع انغماس التيارات الإسلامية في الحياة السياسية. لذلك ذهبت إلى الخبير في الشئون الإسلامية عبد الرحيم علي مدير "المركز العربي لدراسات الإسلام والديمقراطية"، المتخصّص في الحركات الإسلامية في مكتبه بوسط البلد بالقاهرة.
وهو باحث في الأربعينيات من عمره، متحمس في كلامه. كنت متخوفا منه، حيث يُعرَف عنه أنه كان يعمل صحفيا بجريدة الأهالي المعروفة بأنها تمثل اليسار في مصر، ولكنه الآن يعمل كاتبا بموقع "إسلام اون لاين" الذي يرأس مجلس إدارته الشيخ يوسف القرضاوي!. ولكن تخوّفي زال أثناء الحوار!
** ما رأيك في المبادرات التي تطرحها الجماعات الإسلامية، وأخرها مبادرة عبود الزمر؟
** هذه عبارة عن رسائل وليست مبادرات. لأن المبادرات لابد لها أن تخرج من شخص له الحرية الكاملة وليس شخص داخل السجن، وبصراحة المبادرات الخاصة بالجماعات الإسلامية مشكوك فيها. والسؤال الذي لابد من طرحه لماذا لم يطرح هذه المبادرات التنظيمات الموجودة خارج السجون؟!. فهناك خارج السجن مصطفى حمزة أو رفاعي طه* فلماذا لم يطلقا مبادرة خارج السجن؟، حتى يكون هناك نوع من المصداقية في تلك المبادرات.
كما أن مبادرة الزمر هي عبارة عن رسالة أرسلها الزمر من داخل سجنه لزوجته التي بدورها نشرتها في الصحف، فهي ليست مبادرة، قائمة على مراجعة سليمة لأفكار جماعة الجهاد.
في ظني أن طرح هذه المبادرات نوع من المراوغة وكسب الوقت. وبنظرة بسيطة على تلك المبادرات نجد انه لا بد أن تسبق المبادرة مراجعة للأفكار وليس العكس. الغريب فقط في هذه المبادرات، ومنها رسالة عبود الزمر الاندماج في الحياة السياسية. وهذا تحول غريب لان الجماعات الإسلامية لا تؤمن بالحزبية، بل كانت تكفر من يدخل مجلس الشعب أو ينشئ حزبا.
** لماذا تقول ذلك؟.
** لان المبادرات لم تأت بأي شيء جديد، ولا تختلف عن الأعمدة الأساسية للفكر القديم. فمثلا في موضوع الأقباط، لم تَقُل المبادرات بعدم وجوب الجزية بل قالوا إن الجزية لابد من دفعها للدولة وليس للجماعات الإسلامية. إذن عقد الذمة موجود ومعترف به. كما أن هذه المبادرات مشكوك في صحتها لان قبيل حادث فندق أوروبا لم تنقطع الاتصالات والمشاورات بين قادة جماعات العنف داخل السجون، خاصة الجماعة الإسلامية وبين أجهزة الأمن العاملة داخل الليمان.
فكان هناك مشاورات داخل سجن الليمان بين جهاز مباحث امن الدولة وبين قادة الجماعة الإسلامية.
وانتهت تلك المشاورات بطلب الجماعة الإسلامية إطلاق السجناء وتحسين المعاملة بالإضافة إلى الحد من الاعتقالات مقابل وقف العنف ضد الدولة. ولكن مدير السجن رفض رفضا تاما لأية شروط أو حتى اتفاقات مع هؤلاء القادة. إذن هذه المبادرات كانت مطروحة ليس لمراجعة أفكارهم وتصحيح مسار هذه الجماعات بل هي مجرد صفقة بين الجماعات الإسلامية وأجهزة الأمن المصرية. والذي يؤكد ذلك أن الجماعات الإسلامية أصدرت من قبل بيانا، بعد حادث الأقصر الإرهابي، لإجبار الدولة على الموافقة على المبادرات التي تتيح إطلاق السجناء.
والباحث الجيد لا ينخدع بهذه المبادرات التي لم يكن بها أي تغيير في أفكار هذه الجماعات، فمثلا هم ما زالوا يرون أن السياحة نشاط اقتصادي محرم، فهم يقولون بعدم قتل السياح الأجانب بل يستهدفون السياحة!.
** وما كان رد الحكومة المصرية على ذلك؟.
الحكومة فهمت لعبة هذه الجماعات فأخذت منهم المساجد، وضمّتها إلى وزارة الأوقاف، لذلك أصبحت الدولة في حالة مقايضة مع الجماعات الإسلامية، إذا تركت الدولة المساجد ترعى فيها الجماعات تترك هي الأخرى العنف المسلح ضد الدولة.
أظن الحكومة وافقت على مبادرات الجماعات الإسلامية بدليل إجراء الكاتب الصحفي مكرم محمد احمد حوارات مع أعضاء الجماعة الإسلامية في السجون المصرية، وبعد هذه الحوارات تم الإفراج عن الإسلاميين..تعليقك؟.
لقد أرسل منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية في مصر، خطابا إلى الكاتب مكرم محمد احمد. يقول فيه: "إن قيادات الجماعة الإسلامية-كرم زهدي، ناجح إبراهيم، عبود الزمر، فؤاد الدواليبي، حمدي عبد الرحمن، وعلي الشريف- في ليمان طرة الذين أطلقوا مبادراتهم بوقف الأعمال المسلحة لحقن الدماء بين أفراد الشعب، يريدون دعمكم لمبادرتهم، ومناشدة الرئيس والحكومة لها والتفاعل معها".
** وما رأيك في حركة الإخوان المسلمين؟.
قصة الإخوان المسلمين معقدة، فهم مراوغون بشدة. فهم مثلا يريدون التعامل مع الأمريكان، ولكنهم خائفون من فضيحة التعامل معهم. فإذا حدث خير في أي نشاط يقوم به الإخوان يتقدم المرشد العام للإخوان المسلمين يبارك، ولكن إذا استاء الشعب من تصرف احد الإخوان يُندّد المرشد وينكر هذا التصرف.
* الواقع أن رفاعي طه، "أبو ياسر"، موجود في سجن مصري مع أن السلطات المصرية لم تؤكّد ذلك بصورة رسمية بعد. وقد قامت السلطات السورية بتسليمه أثناء سفره قادماً من إيران أو عائداً إليها (شفّاف الشرق الأوسط).