الأربعاء 24 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

ننشر حوار عبدالرحيم علي مع محمد نزال قيادي حماس.. خلال انتفاضة الأقصى 2004

نُشر هذا الحوار في موقع "إسلام أون لاين نت" بتاريخ 2 أكتوبر 2004

نشر
عبد الرحيم علي

حماس: انسحاب غزة ثمرة للانتفاضة
محمد نزال في حوار شامل مع "إسلام أون لاين.نت" 2004: العدو الصهيوني يلعب على "سياسة الفُرقة"
لا يمكن لانتفاضة تدوم 4 أعوام أن تشتعل بـ"بالريموت كنترول"، أو بصورة عفوية
الشعب الفلسطيني يواجه احتلالا غاشما وشرسا، ولا يمكن مواجهته بالحجارة فقط؛

 

قال محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس): إن الانتفاضة الفلسطينية وهي تدخل عامها الخامس بحاجة إلى تكاتف الفلسطينيين وتوحدهم على خيارها، معتبرا أن حديث إسرائيل عن اعتزامها الانسحاب من قطاع غزة يعد "أولى بشائر النصر" وإحدى ثمار انتفاضة الأقصى؛ حيث إنه لم يكن ليتم "لولا ضربات المقاومة الموجعة التي أوقعتها بالاحتلال الصهيوني".

وحذر نزال في حوار شامل مع "إسلام أون لاين.نت" في 2 أكتوبر 2004، بمناسبة عبور انتفاضة الأقصى المجيدة عامها الخامس، من أن العدو الصهيوني يلعب على "سياسة الفُرقة" بين أبناء الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن الانتفاضة الفلسطينية بخير ما دام أبناء الشعب الفلسطيني يدركون أهمية خيار المقاومة والجهاد كسبيل لتحرير الأرض والدفاع عن العرض أمام الاعتداءات الصهيونية المتكررة واليومية.

ورفض نزال الإجابة على سؤالين حول مشاريع التسوية المقترحة، وإمكانيات تدويل القضية الفلسطينية، مؤكدا أن المقاومة المسلحة أصبحت "خيارا إستراتيجيًا" لغالبية الفصائل الفلسطينية الحية.

 وبالتالي فإن أي حوار يجب أن يتم تحت شعار حماية بندقية المقاومة، وأن الدم الفلسطيني خط أحمر لا يجوز المساس به، وشدد على أنه تحت هذا الشعار فإن حماس مستعدة للتفاهم حول جميع الأمور مع باقي القوى.

وفيما يلي نص الحوار:

سيد محمد نزال: لقد اندلعت الانتفاضة الثانية في أعقاب زيارة شارون للحرم القدسي، لكن تطور الأحداث يشير إلى أن الأمر كان أبعد من مجرد رد الفعل على هذه الزيارة، والمصادر الإسرائيلية كانت قد اتهمت عرفات بتبييت النية على إطلاق ما أسمته موجة العنف ردًا على فشل مسيرة المفاوضات، خاصة بعد مفاوضات كامب ديفيد (كلينتون ـ باراك ـ عرفات) في صيف 2000.

أ- الآن كيف يمكنكم تقويم الدوافع الحقيقية والظروف الميدانية وراء اندلاع الانتفاضة الثانية؟ 

ب- وما هي العلاقة بين ما هو عفوي وما يتعلق بعناصر الإرادة والتصميم على اعتماد خيار الانتفاضة في عام 2000؟ 

لا يمكن لانتفاضة تدوم 4 أعوام أن تشتعل بـ"بالريموت كنترول"، أو بصورة عفوية، أو بناء على توجيه من جهة محددة بعينها، الانتفاضة هي انتفاضة شعب، وليست انتفاضة فصيل أو تنظيم، وأعتقد أن تدنيس شارون للحرم القدسي هو "القشة التي قصمت ظهر البعير"، وليس السبب المباشر في اشتعال الانتفاضة.

اشتعال الانتفاضة في تقديري جاء نتيجة تراكم 7 أعوام من المعاناة والآلام والقهر والظلم بعد توقيع اتفاقات "أوسلو" في أيلول (سبتمبر) 1993، التي ظنت قطاعات واسعة من شعبنا أنها ستشكل إنقاذا له من المعاناة، وتحقيقا لحلمه في الحرية والاستقلال، ولكن الأعوام السبعة كانت أعواما عجافا؛ لذا جاءت الانتفاضة تعبيرا عن شدة غضب واستنكار جماهير شعبنا.

 

أ- ما هي الأهداف التفصيلية التي كانت الانتفاضة قد رفعتها عند انطلاقها لتحقيق الهدف الأكبر للتحرير الكامل للأرض؟ 

ب_ وهل دخلتم ساحة الانتفاضة متوافقين على نفس الأهداف التي دخل بها غيركم، أم كانت لكم رؤية ج- ما متمايزة عن الآخرين؟ وهل حدث تطور على لائحة هذه الأهداف، فرضته ظروف الواقع، وما طبيعة مثل هذا التطور؟ 

لا يمكن أن يدعي أحد أن الانتفاضة حملت أهدافاً تفصيلية عند انطلاقها، كان هناك عنوان عام وهو دحر الاحتلال، ولكن بعد أن رأت القوى الأساسية والمحركة للانتفاضة أن هناك حاجة لتحديد أهداف سياسية واضحة لها، وقع اختلاف بين تيارين أساسيين:

تيار تمثله حماس وقوى أخرى ترى في الانتفاضة مشروع مقاومة يمكن أن يحقق تحريرا جزئيا أو كليا للأراضي المحتلة، وتيار تمثله حركة فتح وبعض من يدور في فلكها يرى فيها مشروعا لتحسين سقف التسوية السياسية أو التفاوض، ومن الواضح أن التيار الأول هو الذي فرض رؤيته بدليل استمرار الانتفاضة وانهيار اتفاق أوسلو، ونشوء مشاريع سياسية أقل سقفاً (مثال خريطة الطريق).

 

قسوة المواجهة سبب مباشر في تحول الانتفاضة

بدأت الانتفاضة بمشاركة شعبية واسعة توحي باستعادة الطابع المتميز للانتفاضة الأولى؛ حيث كان الجميع يحمل حجرا ويلقيه، لكن سرعان ما انحسرت موجات المشاركة الشعبية لتقتصر الانتفاضة على المقاومة المسلحة فقط.

أ- ما هي أسباب ودوافع هذا التحول؟ 

ب- هل خسرت الانتفاضة شيئا بعدم الإبقاء على الطابع الشعبي؟ 

ج- هل كانت هناك إمكانية لاعتماد إستراتيجية توازن ما بين خيار المقاومة المسلحة والطابع الشعبي للانتفاضة؟ 

لم تتعامل سلطات الاحتلال في الانتفاضة الأولى بالقسوة والوحشية التي تعاملت فيها مع الانتفاضة الثانية، صحيح أن "تكسير العظام" من قبل الجنود كان هو سمة الانتفاضة الأولى، ولكن القتل المباشر والمتعمد مع سبق الإصرار والترصد كان سمة الانتفاضة الثانية؛ حيث استعملت طائرات "الأباتشي"، و"F16" و"F18" والدبابات في قصف أهداف مدنية صرفة.

 وحتى عندما كان يراد استهداف قائد عسكري مثل الشيخ صلاح شحادة؛ فإن العدو ألقى بقنبلة فراغية وزنها طن على بناية سكنية يقطنها مدنيون من الأطفال والشيوخ والنساء، فأباد جميع من فيها!

لذا لم يكن من بُد أمام الشعب الفلسطيني إلا أن يحاول مواجهة آلة القتل الصهيونية بالمقاومة المسلحة، على الرغم من عدم تكافؤ الطرفين، ولكن شكلت المقاومة المسلحة عامل توازن نفسي، إن لم يكن عامل توازن في الردع.

ولا شك أن إعادة الاعتبار إلى الطابع الشعبي للانتفاضة أمر مطلوب، ولا بد من اعتماده في الاستراتيجية لإحداث عملية التوازن.

 

الاندفاع لتغليب خيار المقاومة المسلحة..

أ- هل كان تحت تأثير تجربة حزب الله في لبنان؟ وهل كان الوقت والظرف مناسبين لتبني هذا الخيار بدل المقاومة الشعبية العامة التي يمارسها الجميع بالحجارة؟ 

ب- هل كان من الأفضل حصر المقاومة في نطاق الأراضي المحتلة عام 1967؟ 

على الرغم من أن هزيمة الكيان الصهيوني في الجنوب اللبناني واندحاره مطرودًا في أيار (مايو) 2000م (أي قبل اندلاع الانتفاضة بأربعة أشهر) كان عاملا مساعدا لتشجيع الشعب الفلسطيني على الاقتداء بتجربة المقاومة الإسلامية في لبنان، إلا أن تغليب خيار المقاومة عند الشعب الفلسطيني يعود إلى ظروف ومعطيات الصراع، وطبيعة الصراع تفرض أدواتها وليس العكس.

إن الشعب الفلسطيني يواجه احتلالا غاشما وشرسا، ولا يمكن مواجهته بالحجارة فقط؛ فالمقاومة المسلحة هي التي تدفعه للاندحار والانسحاب، ولعل التفكير العملي الذي بدأ به شارون للانسحاب من قطاع غزة هو نتاج المقاومة المسلحة وليس الحجارة.

أما حصر المقاومة في نطاق الأراضي المحتلة عام 1967 فهو تقييد لحق مشروع؛ فالأراضي التي احتلت عام 1948 هي أراضٍ محتلة كذلك، ولا يسقط حق الشعب الفلسطيني فيها بالتقادم أو بالأمر الواقع، فضلا عن أن الظروف الميدانية فرضت على المقاومة الامتداد إلى أهداف صهيونية تشكل إيلاما للعدو وتأثيرا عليه.

 

إشكالية في تعريف المدنيين

قبل الانتفاضة لم تكن العمليات الاستشهادية واستهداف "المدنيين" بالإضافة لجنود الاحتلال تمثل هدفا معتمدا لأي من الفصائل الفلسطينية.

أ- ما هي العوامل وراء هذا التحول؟ 

ب- ما هي الضوابط التي تم اعتمادها لتصاحب تلك العمليات؟ 

ج- ما الذي ترتب سلبا وإيجابا من وراء اعتماد هذا المنهج في المقاومة؟ 

د- ألم يحِن الوقت بعدُ لمراجعة هذه الطريقة في المقاومة؟ وهل تحقق أهدافها أم تحتاج إلى تقويم؟ 

هناك إشكالية في تعريف المدنيين في ظل مجتمع عسكري كالمجتمع الصهيوني؛ فجميع فئات هذا المجتمع تحمل السلاح باستثناء الأطفال والشيوخ الكبار، والمقاومة في عملياتها لا تستهدف الأطفال ولا الشيوخ الكبار، فمن السهل اقتحام مدرسة أو روضة أطفال، أو دار للمسنين والعجزة، ولكن المقاومة تجنبت ذلك طيلة سنوات الانتفاضة، لأسباب دينية وأخلاقية.

ونحن نتمنى أن يتم التركيز على الأهداف العسكرية الصرفة كالجنود ومواقعهم، وهذا ما جرى في كثير من العمليات التي يتم التعتيم عليها أو على نتائجها، ويتم التركيز على العمليات التي تستهدف ما يسمى بالمدنيين.

 

بعد أقل من عام على انطلاق الانتفاضة وقعت أحداث 11-9-2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.

أ- كيف تمت في حينه قراءة هذا الحدث؟ 

ب- ما هو تأثير وانعكاسات هذه الأحداث على الانتفاضة؟ 

ج- ما هي السياسات التي كان من الممكن اعتمادها في أعقاب الأحداث وتم تجاهلها؟ 

لا شك أن أحداث 11-9-2001 كانت لها تأثيراتها السلبية على الانتفاضة والقضية الفلسطينية؛ حيث تم استغلالها وتوظيفها من قبل الإدارة الأمريكية لإدانة العمليات الاستشهادية خصوصا، والمقاومة الفلسطينية عموما، فصنفت حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى على أنها حركات وفصائل إرهابية، وتم الضغط على الاتحاد الأوربي ليصنفها مثل التصنيف الأمريكي.

وعلى الرغم من ذلك فإنني أعتقد أن المقاومة تجاوزت ذلك المأزق، ولا تزال تفرض حضورها وتعاطفها على الأقل في المحيط العربي والإسلامي.

 

السلطة تقف عائقا أمام الوحدة

رغم مرور 4 سنوات على اندلاع الانتفاضة كيف تقيمون إنجازاتها؟ وفي هذا الإطار: 

أ- ما الذي يمنع حتى الآن من التوصل إلى صيغة لتشكيل قيادة وطنية موحدة؟ 

ب- ما هي الصيغة الفضلى لهذا الإطار القيادي: 

أن تكون في إطار السلطة بعد توسيعه. 

في إطار منظمة التحرير بعد إعادة تشكيلها. 

أ-إنشاء إطار جديد مستقل بديل عن السلطة؟ 

ب- في الحالة الأخيرة كيف تكون طبيعة العلاقة بين الإطار الجديد والسلطة؟

ج- كيف يمكن التوصل إلى هذه الصيغة؟ بالتوافق أم بالانتخابات؟ 

بكل صراحة الذي يقف عائقا أمام تشكيل قيادة وطنية موحدة هي السلطة الفلسطينية؛ فقد طرحنا وبوضوح أننا مع تشكيل هذه القيادة وفق أسس سياسية وتنظيمية يتم التوافق عليها، ولكن قيادة السلطة تراوغ وتناور، ولا تريد تشكيل مثل هذه القيادة؛ لأنها تريد الاستمرار في نهجها الحالي بالاستئثار بالسلطة والقرار الفلسطيني.

ومن طرفنا طرحنا جميع الخيارات الممكنة؛ إما إعادة بناء "م.ت.ف" (منظمة التحرير الفلسطينية) على أسس جديدة، أو تشكيل إطار جديد، ويمكن أن يتم ذلك في المرحلة الأولى بالتوافق، على أن يتم ذلك لاحقا بالانتخابات، ولا مانع من إجراء الانتخابات في المرحلة الأولى.

ولكن دعونا نتحدث بصراحة إذا كان السيد ياسر عرفات يرفض التنازل عن صلاحياته المطلقة لشركائه ورفاق دربه؛ فهل يمكن أن يقبل أن تشارك حماس أو غيرها في هذه الصلاحيات؟! ليس تهربا من المسئولية، ولا رغبة في قذف الكرة في ملعب الآخرين أقول: إن الكرة في ملعب السلطة.

 

إلي أي حد أثرت المتغيرات الدولية في مسار الانتفاضة، وعلى مجمل القضية الفلسطينية، وبخاصة احتلال العراق، ومشروع الشرق الأوسط الكبير؟ 

مما لا شك فيه أن للمتغيرات الدولية والوضع العربي المتأزم تأثيرا كبيرا على الانتفاضة الفلسطينية؛ فبعدما كانت الأنظار مركزة على القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية أضحى العالم العربي والإسلامي مليئًا بالأزمات والجروح، فصارت القضية الفلسطينية في بعض المراحل هامشية أمام قضايا أكثر إلحاحا كقضية احتلال العراق، وقد استغل العدو الصهيوني التركيز على العراق بأن قام بالمزيد من الاعتداءات والانتهاكات بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ولا من يرفع صوته احتجاجا عليها.

كما فقدت القضية الفلسطينية دولة مهمة في الصراع مع العدو الصهيوني إثر احتلال الأمريكيين للعراق، كما زاد ذلك الاحتلال من أعباء الدول العربية والإسلامية التي تُعتبر نصيرا طبيعيا للقضية الفلسطينية.

ما هي أبرز الإنجازات التي تمكنت الانتفاضة من تحقيقها على مدار السنوات الأربع الماضية؟ وما هي بالمقابل إخفاقاتها؟ 

أعتقد أن الإنجاز الأهم الذي حققته الانتفاضة هو استمرارها والتطور في أداء المقاومة الذي حصل فيها؛ فالمشروع الانتخابي الذي فاز بموجبه شارون برئاسة حكومة الكيان الصهيوني كان وعده بالقضاء على الانتفاضة خلال مائة يوم، لكن الأيام تتوالى وهاهي الانتفاضة تدخل عامها الخامس، وقد تطور أداؤها؛ فالصواريخ التي يسمونها بالبدائية صمدت أمام أعتى آلة عسكرية موجودة على الأرض، وهي تقض مضجع الكيان الصهيوني. 

وقد برزت نماذج في الصمود والمقاومة لم نشهد لها مثيلا. إضافة إلى أن الانتفاضة ساهمت في زيادة اللحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني بعد أن فرقتهم مشاريع ما يسمونه بالتسوية؛ فالشعب الفلسطيني صار أكثر وعيا لما يحاك له في الخفاء، وأدرك أن العدو الذي يتربص به لا يفهم إلا لغة المقاومة، وأن ما حاول البعض تسويقه على أنه مشروع سلام وتسوية ذهب أدراج الرياح، وحتى العدو الصهيوني لم يعد يعترف به.

كما أعادت الانتفاضة رسم خريطة الطريق الحقيقية للشعب الفلسطيني بأن أعادت تثبيت حقوقه، وأزاحت المظالم الكارثية التي حلت على شعبنا من وراء اتفاقيات أوسلو وما تلاها، وجعل الفلسطينيين أمام معركة التحرير، وليس أمام بناء دويلة تفتقر إلى أدنى مقومات السيادة الوطنية.

 

 

ما هو مستقبل الانتفاضة في مطلع عامها الخامس؟

أ- هل يجب التمسك بخيار الانتفاضة بشكلها الحالي أم يحتاج الأمر لتعديل ما؟ وما هي الشروط المطلوبة لدعم هذا الخيار؟ 

ب- هل يجب إحداث تحول إستراتيجي باتجاه اعتماد الكفاح المدني وتعزيز الطابع الشعبي للانتفاضة؟ 

ج- أم هل يجب منح الأولوية لتطبيق برنامج شامل للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي يشمل السلطة وكل مناحي أوضاع المجتمع الفلسطيني؟ 

لا شك أن الانتفاضة الفلسطينية وهي تدخل عامها الخامس بحاجة إلى تكاتف أبناء شعبنا الفلسطيني والتوحد أمام خيار الانتفاضة؛ وذلك حتى لا يستغل العدو الصهيوني الفُرقة بين أبناء شعبنا، ويمارس سياسته على قاعدة "فرق تسد"؛ لذلك أعتقد أن الانتفاضة الفلسطينية بخير ما دام أبناء الشعب الفلسطيني مدركين لأهمية خيار المقاومة والجهاد كسبيل لتحرير الأرض والدفاع عن العرض أمام الاعتداءات الصهيونية المتكررة واليومية على إخواننا أبناء الشعب الفلسطيني، وهاهي بشائر النصر بدأت تلوح في الأفق، ولعل أولى هذه البشائر هو الحديث المتداول عن انسحاب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة الذي ما كان ليتم لولا ضربات المقاومة الموجعة التي أوقعتها بالاحتلال الصهيوني.

وما يدور عن كلام حول تحويل الانتفاضة إلى عملية كفاح مدني إنما هو كلام أريد به باطل؛ فخيار المقاومة المسلحة أصبح خيارا إستراتيجيا لغالبية الفصائل الفلسطينية الحية. وبالتالي فإن أي حوار يجب أن يتم تحت شعار حماية بندقية المقاومة، وأن الدم الفلسطيني خط أحمر لا يجوز المساس به، تحت هذا الشعار نحن مستعدون للتفاهم حول جميع الأمور.

كما أن المقاومة المسلحة لا تلغي المقاومة المدنية؛ فهي مطلوبة ومهمة ويجب تطويرها، بالترافق مع الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي بما يعين على استمرار المقاومة ويخفف من أعبائها الملقاة على كاهل شعبنا المحتل.

 

ماذا بعد انسحاب الاحتلال من غزة، إن حدث؟

أ - ما هو شكل الإدارة السياسية الذي ترغبونه؟ 

ب- هل تستمر المقاومة انطلاقا من غزة؟ وما هي الأساليب التي يمكن اتباعها بعد الانسحاب لكي تستمر المقاومة؟ 

لا بد من القول بأنه من السابق لأوانه الحديث عن شكل الإدارة السياسية بعد الانسحاب (الإسرائيلي) من غزة، فإذا أراد الصهاينة أن ينسحبوا فليعلنوا ذلك وليشرعوا في تنفيذه، وبعدها نتحاور على شكل الإدارة السياسية؛ فإذا أراد الاحتلال الانسحاب فليفعل، وبعدها لكل حادث حديث، أما أن يتلهى أبناء الشعب الفلسطيني بشكل الإدارة والاحتلال ما زال جاثماً على أرضنا فهذا أمر غير مقبول.

هل يمكن أن تستمر الانتفاضة والمقاومة على هذا النحو في ظل الوضع العربي المنسحب والمتقوقع والمشغول بمشكلاته القُطرية ومطارداته الدولية؟ وما الذي تعدونه لمواجهة هذا الوهن والوضع غير المسبوق؟ 

لا يسعنا إلا أن ندعو الله تعالى أن يرفع الغمة والبأس عن المنطقة العربية وأن ينصرنا وإخواننا المجاهدين في كل مكان على أعدائنا؛ فالمنطقة تمر في منعطف عصيب، والوضع لا شك خطير، لكن حسبنا أننا قوم نذرنا أنفسنا للدفاع عن أرضنا وعرضنا ومقدساتنا، وثقتنا بالله كبيرة، ونحن منذ البداية نعلم أن أأن طريقنا إما نصر أو شهادة {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}.