الجمعة 29 مارس 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: سيقولون نحن أبناء عم فلماذا لم يراعوا العمومة فيمن قُتل؟!

نُشر هذا المقال بموقع البوابة نيوز، السبت 07/أبريل/2018

نشر
عبد الرحيم علي


لا أتوجه، عادةً، برسائل من هذا النوع، إلا عندما أحس بالخطر يقترب من بلادي، بزحف الأفاعي نحو جسد الأمة، باقتراب الذئاب من الحملان، بمحاولة إطباق محاور المؤامرة على عقول البسطاء، بمحاولات البعض، محو ذاكرتنا الوطنية.

ساعتها -وساعتها فقط- أتوجه بمثل هذه الرسائل إلى المصريين.

لقد سبق لتلك الوجوه، وذات الألسن والأبواق، أن قالوا لنا: إن التنظيم الإرهابي المسمى بـ"الإخوان"، جزء لا يتجزأ من نسيج الوطن، ورافد من روافد الحياة السياسية المصرية، وعامل مهم من عوامل انتصار الثورة.

روَّجوا للجاسوس مرسي العياط، وقالوا عنه دونما خجل، إنه أول رئيس مدني يفعل في أيام قليلة من حكمه ما لم يقم به رئيس مصري من قبل في خمسين عامًا. 

لقد كذبوا علينا وقدموا لنا التنظيم الإرهابي في أبهى صورة، اعتلوا منابره واجتمعوا مع قادته، وقالوا فيهم ما لم يقله المتنبي وشعراء المديح، قديمًا، فى الأمراء والسلاطين.

لم يردعهم شيء، حتى عندما ظهرت تلك الجماعة على حقيقتها، وبدا لنا ما كانوا يخفونه من حقد وكُرْه لمصر والمصريين، ظل هؤلاء في غيهم يعمهون، فهم كالأنعام بل أضل سبيلا.

ألم نسمع بآذاننا لكبيرهم مهدي عاكف، وسمعوا معنا، وهو يقول بالفم المليان، "طز في مصر"، و"لماذا لا يحكمنا ماليزي"؟ هل تناسوا ما قاله قادتهم على منصة "رابعة"، وإرهابهم للمصريين جميعا مسلمين وإقباطًا؟ هل تناسوا هجوم مسلحيهم على أقسام الشرطة وفتح السجون والاحتفال علانية بتحرير أسراهم، وكأنهم كانوا في سجون الاحتلال؟

هل تناسوا دماء الشهداء ودموع أمهاتهم وزوجاتهم، في كرداسة والفرافرة وسيناء والوادي الجديد؟

تلك الدماء التي لم تجف بعدُ، وراحوا في بجاحة ووقاحة يحسدون عليها، يحضونا على المصالحة، حتى قبل الأخذ بالثأر.

سيقولون لكم، أيها المصريون، إنهم أبناؤنا، قولوا لهم بكل وضوح ما قاله الله عز وجل لنوح عليه السلام، "يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح"، سيقولون لكم إنهم أبناء عم، قولوا لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن قُتل من أبنائنا، غدرًا وغيلة.

سيقولون لكم، إنهم ليسوا إلا متعاطفين مع الجماعة، قولوا لهم: بل أنتم المُغفّلون ولكن لا تشعرون، لم تفهموا بعد طبيعة ذلك التنظيم وأفكاره وآرائه ومعتقداته.

ثم إذا كانوا صادقين في أنهم لا يقصدون من تلطخت أيديهم بالدماء، فلماذا لم يطالبوا بإعدام قيادات الجماعة التى اعترفت ببجاحة أن ما يحدث فى سيناء سيتوقف إذا عاد مرسي إلى السلطة؟!

ذكِّروهم بمقولات التنظيم على لسان سيد قطب، مفتيهم ومفكرهم الأشهر.

يقول قطب في كتابه "معالم في الطريق": "ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي، ولا أن ندين له بالولاء، فهو بهذه الصفة الجاهلية غير قابل لأن نصطلح معه، إن أولى الخطوات في طريقنا هي أن نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقِيمه وتصوراته، وألا نعدل من قيمنا وتصوراتنا قليلًا أو كثيرًا لنلتقي معه فى منتصف الطريق، كلا إننا وإياه على مفترق الطريق، وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله، ونفقد الطريق". 

ويضيف الرجل:

"إن الانطلاق بالمذهب الإلهي تقوم فى وجهه عقبات مادية من سلطات الدولة، ونظام المجتمع، وأوضاع البيئة، وحين توجد هذه العقبات والمؤثرات المادية فلابد من إزالتها بالقوة". انتهى.

هل من مزيد نقدمه لهؤلاء الحمقى حتى يدركوا ماهية ما يدعون إليه، وأي طريق يسلكونه، وأي باب يريدون لنا أن نولجه؟!

قولوا لهم أيها المصريون: لقد عانينا طويلًا لكي نصل إلى تلك اللحظة التي نقف فيها جميعًا، كمجتمع وكحراس لهذه الأمة، وثوابتها الوطنية، في خانة العداء المُحْكم لتلك الجماعة، الظالم أهلها، ووالله لن نبرح مكاننا، حتى يأذن الله أو نكون من الهالكين.