الأربعاء 24 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب حرية الرأي والتعبير في الإسلام (7)..القرآن كان مع الحرية إلى درجة تستعصى على المقارنة

نشر
الاسلام
الاسلام

التشريع القرآنى لم يتدخل إلا عندما جاوز المنافقون الخط الأحمر إلى درجة الإضرار بالدولة وسط محاصرة الأعداء لها من جميع الاتجاهات

الحرية التى تمتع بها المنافقون لم تقتصر على التصريح العلنى والإعلان القولى إنما تعدت ذلك إلى التصرفات وتدبير الخطط بل والتآمر فى أحلك الظروف

النبى كان يستغفر للمنافقين ويطلب لهم الهداية على الرغم من كل سلوكياتهم الضارة بالأمة

القرآن كان مع الحرية إلى درجة تستعصى على المقارنة واكتفى بفضح تآمر المنافقين مع التنبيه على النبى والمسلمين بالإعراض عنهم وتركهم لما ينتظرهم من عذاب يوم القيامة

المنافقون تمتعوا بحرية هائلة كفلها لهم القرآن.. فى مسيرة التآمر بالقول والفعل ضد الدولة التى يعيشون فى كنفها.

نواصل ما بدأناه على مدى عدة أيام مقبلة، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ۝ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ

صدق الله العظيم

كنا قد أشرنا فى الحلقات السابقة أنه بعد هجرة الرسول ﷺ من مكة إلى المدينة، واجه عدة أنماط من الأعداء، وتناولنا بالشرح والتحليل تعامله مع النمط الأول، والمتمثل فى «قريش»، من حاربوا الرسول وأظهروا العداوة، وتعامله مع النمط الثانى، والمتمثل فى «اليهود»، الذين وادعهم النبى؛ شريطة ألا يحاربوه ولا يؤلبوا عليه عدوه، وأن ينصروه عند مداهمته، لكنهم خانوا العهود.

وهنا نبدأ الحديث عن النمط الثالث «المنافقون»، الذين انتظروا ما تئول إليه الأمور، فإن انتصر الرسول تبعوه وإن انتصرت قريش كانوا معها.

لم يكن النبى محمد، عليه السلام مجرد حاكم، إنما كان رسولًا نبيًا يأتيه وحى من السماء، ويقوم بنشر دينه داخل حدود دولته وخارجها، وكان المنافقون هم عنصر المعارضة ضد حكومة النبي، وكانوا يعارضون الإسلام دينا ويعارضون سلطة النبى وسياساته، وقد منعهم خوفهم من التمرد المسلح ضد الدولة، وكانوا أضعف جدًا من القيام بثورة فاكتفوا بالكيد والتآمر ثم يقسمون بأغلظ الإيمان ببراءتهم مما يفعلون، وتمتعوا فى مسيرة التآمر تلك بالحرية الهائلة التى كفلها لهم القرآن فى القول وفى الفعل ضد الدولة التى يعيشون فى كنفها ويعملون ضدها.

واكتفى القرآن بالرد على مكائدهم وادعاءاتهم وفضح تآمرهم مع التنبيه المستمر على النبى والمسلمين بالإعراض عنهم والاكتفاء بما ينتظرهم من عذاب يوم القيامة.

وكانت حرية الرأى تصل بالمنافقين إلى سب المؤمنين ووصفهم بالسفهاء ولا يرد عليهم إلا بالقرآن:

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ﴾

سورة البقرة- الآية ١٣

وكان يحلو لهم الاستهزاء بالمؤمنين خصوصًا فى أوقات الاستعداد للحرب، فمن يتطوع بالصدقة يصفونه بالرياء إذا كان غنيًا ويتندرون عليه إذا كان فقيرًا، بينما هم يمسكون أيديهم عن التطوع بالمال والتطوع للقتال: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِى الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

التوبة الآية ٧٩

وكان النبى على الرغم من كل هذه السلوكيات يستغفر للمنافقين ويطلب لهم الهداية فنزل قوله تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

التوبة الآية ٨٠

وكانوا يعبرون عن رأيهم بصراحة فيما يتعلق بالقرآن الكريم ذاته، وكانوا يستهزئون به علنا، وأخذ ذلك صورًا شتى، منها أنهم كانوا يتندرون على نزول آيات القرآن، التى تحكى حالهم: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ﴾.

التوبة الآية ٦٤

– وكانوا إذا نزلت سورة يتساءلون فى سخرية عمن ازداد إيمانًا بهذه الآية: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾.

التوبة الآية ١٢٤

ومنهم من كان يدخل على النبى ويسمع القرآن ثم يخرج من عنده يتساءل باستخفاف عمَّا سمع: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾.

سورة محمد الآية ١٦

وكانوا إذا سئلوا عن هذا الاستهزاء بالقرآن أجابوا باستخفاف أنهم يلعبون ولم يكن النبى وهو الحاكم الأوحد للمدينة، يتخذ معهم أى إجراء، ويأتى الوحى يخبرنا بذلك ويثبت كفرهم ولكن يجعل عقوبتهم من لدن الله تعالى إن شاء: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾.

سورة التوبة الآية ٦٥: ٦٦

– وكانوا يقيمون مجالس علنية للاستهزاء بالقرآن، وكان يحضرها بعض المسلمين بحسن نية، ونزل القرآن يحذر المسلمين من حضورهم تلك المجالس، ومع ذلك كان بعضهم يحضرها، فنزل قوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾.

النساء الآية ١٤٠
 

اختصاص النبى ﷺ بالأذى:

اختصوا النبى بكثير من الأذى القولى مع أنه الحاكم السياسى والرسول صاحب الوحي.

فقد كان النبى مأمورا بإقامة الشورى، وكان لأجل هذا يستشير الناس جميعا ومن بينهم المنافقون، فلما رأوا ذلك اتهموه بأنه «أذن»، أى يعطى أذنه لكل من هب ودب، وأشاعوا هذا القول الساخر عن النبى فنزل قوله تعالى يدافع عن النبي: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

التوبة الآية 61

فالله تعالى هو الذى يدافع عن النبى ويصفه بأنه يثق بالمؤمنين، ورحمة لهم، ويتوعد من يؤذى النبى بعذاب أليم، أما سلطة النبى كحاكم فلا مجال لها هنا فى ذلك المجتمع الحر الذى يكفل للمعارضة كل الحرية فى أن تقول ما تشاء حتى لو كانوا من المنافقين، فقط نهاه الله تعالى عن طاعتهم ولكنه أمره بأن يدع أذاهم: ﴿َلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾

الأحزاب الآية ٤٨

وفى غير الشورى كانوا يلمزون النبى إذا حرمهم من الصدقة وهم غير مستحقين لها لكونهم أغنياء وكانوا يحتجون عليه ويطاردونه بأقوالهم: ﴿َوَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِى الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾

التوبة الآية ٥٨

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2019-12-07 19:12:22Z | | qqnªü

 

تآمر المنافقين كما سجله القرآن

وحرية الرأى للمنافقين لم تقتصر على التصريح العلنى والإعلان القولى، إنما تعدت ذلك إلى التصرفات وتدبير الخطط، بل والتآمر فى أحلك الظروف، ولم يتدخل التشريع القرآنى إلا عندما جاوزوا الخط الأحمر ووصل تآمرهم إلى درجة الإضرار بالدولة فى وقت كان الأعداء يحاصرونها من جميع الاتجاهات، وذلك فى غزوة الأحزاب، ونرصد خطواتهم التآمرية فى إعلان رأيهم، من خلال تسجيل القرآن لها:

١) كانت للمنافقين حرية الفساد والدعوة إليه دون عقاب أو مساءلة جنائية وإذا سئلوا عن ذلك أجابوا، بكل حرية، بأن ذلك هو الإصلاح من وجهة نظرهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ﴾

البقرة الآية ١١: ١٢

وبينما كان المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كان المنافقون فى المدينة يفعلون العكس، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويرفضون إعطاء الصدقة، ويعلنون موقفهم هذا فى جو من الحرية لا نتخيل حدوثه الآن، والقرآن يسجل ذلك: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾

التوبة الآية ٦٧

وكان المؤمنون فى المقابل كما وصفهم رب العزة: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».. التوبة الآية ٧١.

وكانت حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى داخل المجتمع الإسلامى لا تتعدى حد النصيحة القولية دون إكراه أو إيذاء ودون تبرؤ من الشخص الواقع فى المنكر بل من فعله المنكر: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّى بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾

الشعراء الآية ٢١٥ و٢١٦

٢) كانوا يرفضون الاحتكام للرسول وهو الحاكم الرسمى للمدينة تعبيرًا منهم عن عدم اعترافهم بسلطته، ويسكت عنهم النبى وينزل القرآن ينعى عليهم تحاكمهم للطاغوت مع أنهم يزعمون الإيمان: ﴿َلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾

النساء الآية ٦٠: ٦١

٣) وكانوا يرفضون المثول أمام القاضى الرسمى للدولة، بل ويرفضون القانون الذى يسرى على كل فرد فيها، ولم يكونوا يرضون بالحكم الإسلامى إلا إذا جاء فى مصلحتهم يقول تعالى: ﴿وإذا دعوا الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق معرضون، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين﴾

النور الآية 48 – 49

والله تعالى يجعل طاعة التشريع القرآنى اختيارًا من المؤمن ويقول ما يفيد بأنه ينبغى للمؤمنين أن يسمعوه ويطيعوه.

٤) وحتى فى أوقات الحرب والطوارئ كانت لهم حريتهم الكاملة فى القول والعمل ضد الدولة التى يعيشون فيها، مع أن الديمقراطيات الحديثة تلجأ للأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية فى تلك الظروف، ولكن تشريع القرآن كان مع الحرية إلى درجة تستعصى على المقارنة، ونأخذ أمثلة من القرآن الكريم.

ففى (غزوة أحد) كانت لهم حرية التقاعس عن القتال، ثم يحملون المسئولية فى الهزيمة للمسلمين لأنهم لم يطيعوهم فى البقاء فى المدينة، وينزل القرآن يرد عليهم: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ، الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾

آل عمران الآية ١٦٧: ١٦٨

وفى غزوة الأحزاب، تجمع المشركون حول المدينة، ولم يكن باستطاعة المنافقين الخروج منها، فأصابهم الذعر وأصبحوا طابورًا خامسًا للعدو فى الداخل.

يستهزئون بوعد النبى بالنصر ويدعون لقعود المسلمين عن الجهاد ويتخلفون عن مواقعهم فى الحراسة، وقد كان المسلمون فى وقت عصيب لا نجد أروع من وصف القرآن له: ﴿إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا، وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾

الأحزاب الآية: ١٠: ١٣

المراجع

١ -محمد الغزالي: فقه السيرة.

٢-عبد المتعال الصعيدى القضايا الكبرى فى الإسلام.

نستكمل في الحلقة التالية

دور المنافقين فى تحريض المؤمنين على عدم القتال وظهور ثلاث جماعات منهم لكل منها دور تخريبي