السبت 20 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: الإخوان والتنظيم "٢"

نُشرعلى موقع البوابة نيوز، الأحد 19يوليو 2015

نشر
عبد الرحيم علي

كتبت فى مقالى السابق فى هذه الزاوية، أن تنظيم الإخوان مؤسسة لا تتأثر غالبا بالأفراد، حيث يذهب البعض ويأتى آخرون، ويظل التنظيم بآلياته وأطره، وما تعارف عليه جيل بعد جيل من أدبيات، حاضرا بقوة فى المجتمع، وهو ما دعا بعض السياسيين والمفكرين إلى تكرار الحديث حول كون الإخوان جزءا من النسيج الاجتماعى لا يجوز تجاوزه لا فى السياسة ولا فى الاجتماع.
وأعتقد أنه آن الأوان لوضع نهاية لتلك الرؤية البغيضة التى تتسرب بين أنسجة فكرنا العربى المعاصر لتأكل الأخضر منه واليابس، فلا يعقل أن يكون هناك تنظيم يضرب عرض الحائط بكل خصائص الوطن، وينخر كالسوس فى الفكرة الوطنية التى هى صلب العقيدة المصرية، ويعتبره البعض- فى ذات الوقت- جزءا لا يتجزأ من النسيج الوطنى. فالعزل للمريض الحامل للفيروس يصبح حتميا إذا كان الفيروس معديا، فما بالك بمن يمارس عملية نشر العدوى عن طريق تجنيد المزيد من الشباب كل يوم لتلك الرؤية النافية لقيمة الوطن، تلك التى تعتبر الدين وطنا، الأمر الذى يصبح معه المسلم الماليزى أقرب إلى الإخوانى المصرى من المسيحى المصرى، وهو ما ترفضه كل القيم الوطنية الصحيحة والسليمة، وما تعلمناه فى كتب التربية الوطنية جيلا بعد جيل، وأيضا ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما قال قولته المشهورة، وهو يغادر مكة متخفيا فى الليل: «والله إنك لأحب بلاد الله إلى، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت».
وهنا يكمن الخطر من وجهة نظرى، فليس الخطر فقط فيمن يمسك السلاح ويضرب فى صدور المصريين جيشا وشرطة وقضاء ومواطنين، فهؤلاء سينتهون حتما عندما نجفف منابع تمويلهم، ونمنع تقديم الدعم اللوجستى لهم ونهزم عناصرهم، ولكن الخطر الحقيقى يكمن فى هذا السوس الذى ينخر فى جسد الوطن فيمزقه ويجعله أشلاء لا ترقى لمواجهة الغزو الفكرى أو الثقافى أو حتى العسكرى، فأمة بلا ذاكرة وطنية أمة لا تستحق أن تعيش، فضلا عن أن تنتصر.
من هنا، كان يجب على كل الحكومات التى واجهت أزمات الجماعة من قبل أن تتوجه رأسا إلى التنظيم، فتقوم بتفكيك الأسس التى يقوم عليها عبر تجريمها فى قانون العقوبات، وتقوم بعزل التنظيم باعتباره يخون أبسط مقدسات الوطن، وهى فكرة الوطنية ذاتها، لا أن تواجه ما نتح عنه من شرور أو تنظيمات حملت السلاح ودعت إلى العنف، وتترك التنظيم يستمر فى بث سمومه فى ربوع الوطن، مستغلا فترات ضعف الدولة للانقضاض عليها، والآن وهناك حالة من العزل المجتمعى والرفض الشعبى جرت على هذا التنظيم بفعل ثورة ٣٠ يونيو، آن الأوان أن ننهض جميعا حكومة وأحزابا ومواطنين بعملية تعبئة كبرى تُدفع فى سياق حظر التنظيم بشكل نهائى فى مصر وبقرار سيادى يصدر عن رئيس الدولة باعتبار التنظيم تنظيما إرهابيا يخرب قيم الوطنية، ويدعو إلى التخلى عنها، وهو ما يهدد الأمن القومى المصرى، ويضعه دائما فى دائرة الخطر.
 أيضا تجريم الدعوة إلى تلك الأفكار باعتبارها تصيب الأوطان فى مقتل عبر تجنيد الشباب لأفكار تأكل الأوطان وتضحى بها لصالح أفكار عولمية غير واضحة وغير مفهومة.
يصاحب عملية العزل تلك عدد من الخطوات فى مجال التعليم والإعلام، تناقش تلك الأفكار وتفندها وترد عليها فى محاولة للقضاء على تأثيراتها الضارة على المجتمع.
وبدون ذلك، فنحن نسير فى طريقهم الذى رسموه لنا ولمجتمعاتنا، وإن ادعينا أننا نواجههم، حتى ولو بالسلاح.