الأربعاء 24 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبد الرحيم علي في مؤلفه الجديد : الطريق الى الاتحادية "الملفات السرية للإخوان"

نشر بتاريخ 24/أبريل/2013 بموقع "البوابة نيوز"

نشر
كتاب الطريق إلى الاتحادية
كتاب الطريق إلى الاتحادية

عن مطبوعات المركز العربي للبحوث، صدرت الطبعة الثانية من كتاب « الطريق إلى الاتحادية.. الملفات السرية للإخوان » للكاتب الباحث عبد الرحيم علي المتخصص في دراسة حركات الإسلام السياسي.
يتناول الكتاب بالرصد والتحليل، وعلى مدار أكثر من ثمانين عامًا، هي عمر جماعة الإخوان المسلمين، كيف انزلق الإخوان في مستنقع الانتهازية السياسية، منذ البدايات على يد الإمام المؤسس حسن البنا، مرورًا بالتعامل مع كافة الحكومات التي تولت حكم مصر، وحتى ثورة 25 يناير المجيدة، تاريخ من الدم والعار تلطخت به أثواب كل من تولوا المسئولية في تلك الجماعة الموغلة في القدم، كان آخرها دماء الثوار الأبرار التي أسيلت أمام قصر الاتحادية.. هؤلاء الذين رجحوا كفة مرسى في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فإذا بالرئيس ينحاز لأهله وعشيرته، ويستخدمهم في مواجهة الثوار.
بما عُهد عن عبد الرحيم علي من تدقيق وموضوعية، وخبرة مهنية فائقة في التعاطي مع ملفات الإسلام السياسي، بكل تنوعاته الإصلاحية والدعوية والجهادية والراديكالية، وعلى مدار أكثر من ربع قرن، قضاها « علي » في كشف أبعاد طموحات وأهداف تلك الجماعات، والتحذير من خطورة مخططاتها على مستقبل أوطاننا، وكانت مؤلفاته الموثقة والتي تناول خلالها جماعة الإخوان المسلمين بمثابة دق ناقوس الخطر لمخاطر المشروع الإخواني الذي يسعى « لخطف مصر » .
الكتاب الذي تتجاوز صفحاته الخمسمائة صفحة يتناول تاريخ الانتهازية السياسية لجماعة الإخوان من بدايات تكوين الجماعة، ويعرض لأهم الملفات السرية- في تاريخ الإخوان- (ملف الأيديولوجيات - ملف الديمقراطية - ملف التنظيم الدولي - ملف العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية).
ويتوقف عبد الرحيم أمام الأطر التنظيمية الفكرية والحركية لجماعة الإخوان المسلمين.. وصولاً لبيان الغايات الإستراتيجية (الأهداف) للجماعة ويقدم- عبد الرحيم علي- في القسم الثاني من كتابه مجموعة من أهم الوثائق التاريخية المرتبطة بأحداث فصول الكتاب، مثل وثيقة وكيل الجماعة في فضيحة عبد الحكيم عابدين، والخطابات المتبادلة بين الشيخ البنا وشريكه في تأسيس التنظيم أحمد السكري، ونص التحقيقات في قضية اغتيال النقراشي 1949، وقضية المنشية 1954، ومذكرة مهدي عاكف حول تقييمه لفرع الإخوان بأمريكا.
وبعد..
لا تحامل أو تعنت في القول بانتهازية الإخوان، فالتقييم سياسي وليس شخصيًّا، ويطول الجماعة في سياق تاريخي موضوعي يتجاوز الأفراد وسلوكهم على الصعيد الذاتي.. الانتهازية قاعدة راسخة لا يعز إدراجها عند مَن يدرسون عقودًا من العمل السياسي للجماعة، الظاهر منه والباطن، العلني والسري على حد سواء.
لقد عاصر الإخوان المسلمون منذ أن بدأ الشيخ حسن البنا دعوته سنة 1928، عهدين ملكيين وأربعة عهود جمهورية، وكان حريًا بهم أن يتعلموا الكثير والمفيد من المحن التي تعرضوا لها، والنكبات التي أصابتهم، وأن يقفوا مع النفس وقفة تأمل ومراجعة، تندرج تحت شعار « النقد الذاتي » ، لكن المشكلة المزمنة لدى الإخوان أنهم لا يتعظون من تجاربهم، ويصرون على تكرار أخطائهم، ويوقنون دائمًاً أنهم على صواب، وأن الآخرين لا يعرفون إلا الخطأ والخطيئة.
قبل نحو ستة أعوام من ثورة يناير المجيدة، وفي سبتمبر 2005 على وجه التحديد، نشر كاتب هذه المقدمة الطبعة الأولى من كتابه « الإخوان المسلمين.. فتاوى في الأقباط والديمقراطية والمرأة والفن » ، وقال ما نصه: « يعلو حديث الإخوان والحديث عنهم في الشهور الأخيرة، فهم حاضرون بكثافة في سياق المطالبة بالإصلاح والتغيير، يشاركون في أنشطة حركة « كفاية » ، ويتحالفون مع الاشتراكيين الثوريين، ويغازلون الحكومة والوفد، ويلوحون للمرشحين في الانتخابات الرئاسية بقدرتهم على تقديم الدعم والمساندة.
من يرى هذا كله يتصور أن الإخوان هم القوة الأولى سياسيًّا وجماهيريًّا في مصر، وتغيب عنه حقيقة أن الإخوان أنفسهم يحرصون على تكريس هذا الوهم والفهم المغلوط، مستغلين في ذلك ضعف الآخرين وتهافتهم من ناحية، وكونهم أقلية منظمة تتسم بالانضباط الصارم والطاعة العمياء من ناحية أخرى » .
المقتبس السابق يؤكد أن ما تعيشه مصر الآن قد يكون قاسيًا وأقرب إلى الكوميديا السوداء، لكنه ليس بالمفاجأة القدرية غير المتوقعة، فانتقال الإخوان من خنادق المعارضة إلى قمة السلطة، وثيق الصلة بما أشرنا إليه قبل سنوات: الإسراف في الوعود والتحالفات الهشة، ادعاء القوة المفرطة على خلاف الحقيقة، استثمار الأقلية المنظمة المنضبطة المطيعة للانتصار على الأغلبية المتشرذمة المنقسمة.
تتمثل المأساة الحقيقية للإخوان المسلمين في الولع غير الرشيد بتكرار الأخطاء الإستراتيجية التي تصنع نكباتهم وانكساراتهم، وقد كان المأمول أن يطرأ تحول نوعي على سلوكهم بعد ثورة يناير، التي توحد فيها المصريون واندمجوا وتآلفوا، لكنهم واصلوا السير على الدرب القديم، فخلطوا بين الدين والسياسة، واستمروا في فلسفة التحالفات غير المبدأية، وتورطوا في سلسلة من الوعود الكاذبة، وبوصولهم إلى الاستحواذ على الأكثرية في مجلس الشعب، ثم ظفرهم بمنصب رئيس الجمهورية، في معركة انتخابية حافلة بالانتهاكات والتجاوزات، بدءوا في التحول السريع نحو الهيمنة والتكويش والإقصاء وتصفية الحسابات، وكشفوا عن الوجه الحقيقي الذي يعادي الديمقراطية، ويرفض التعددية، ويضيق بالخلاف، ويقود إلى ميلاد الدولة الدينية القمعية.
إن كتاب « الملفات السرية للإخوان المسلمين » يمثل حلقة في الصراع الفكري الممتد للكشف عن حقيقة الجماعة، ويعتمد في ذلك على وثائق صحيحة لا يمكن تكذيبها أو إنكارها، فهو في أبوابه الثلاثة: « الإخوان والانتهازية السياسية » ، و « الملفات السرية » ، و « دولة الإخوان » يقرأ التاريخ متكئاً على وثائق الجماعة، ويتتبع هذا التاريخ الطويل الممتد، الذي عمد الإخوان خلاله إلى خلط الخطاب الديني « الثابت » بالمقاصد السياسية « المتغيرة » ، ليخلقوا خطابًا ضبابيًّا متعدد الوجوه، يهدف إلى الاستحواذ والإقصاء بمفردات وسلوكيات تحمل في طياتها الكثير من الاستعلاء والمراوغة.
صحيح أن النشاط السياسي بطبيعته يتطلب قدرًا من المرونة والمواءمة والبحث عن التوازن، وهو يدفع- بالضرورة- إلى الإعلان والتصريح بشعارات ومبادئ وقيم وأفكار تخالف الحقيقة الراسخة الكامنة التي لا يتسنى الجهر بها، لكن الصحيح أيضًا أن تقييم حركة سياسية ما لا يمكن أن يكون موضوعيًّا ومنصفًا بمعزل عن إدراك لطبيعة الفكر الذي تؤمن به ومراميه.
يهدف الكتاب إلى الكشف عن حقيقة مشروع دولة الإخوان، والاتكاء في تحقيق الهدف على مزيج من التاريخي والواقعي، ويعلم الله أن الدافع إلى الدراسة هو الحس الوطني الذي يدرك مخاطر هذا المشروع على هوية الوطن وحاضره ومستقبله، فضلاً عن بث الأمل في نفوس المترددين المذعورين، بالبرهنة على أن الجماعة قد بدأت رحلة صعودها التراجيدي نحو الهاوية.
الجدير بالذكر أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب قد خصص ندوة لجماهير المعرض في أبوظبي للقاء الكاتب عبد الرحيم علي لمناقشته في كتاب الطريق إلى الاتحادية، وسيشارك في المناقشات الأستاذ السيد يسن، والكاتب الصحفي مصطفى بكري، وايضا الاستاذ فريد زهران مدير مركز المحروسة للطباعة والنشر ولفيف من أبرز المهتمين من ضيوف المعرض، وذلك يوم الجمعة 26 أبريل الحالي.