السبت 20 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

كتاب جديد حول ملفات الإخوان المسلمين السرية "الإخوان المسلمون من حسن البنا إلى مهدي عاكف "

نشر بتاريخ ٥ مارس ٢٠٠٧ بموقع "دنيا الوطن"

نشر
عبد الرحيم علي

أصدر مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحافية والمعلومات الجزء السابع من موسوعة الحركات الإسلامية الصادر تحت عنوان (الاخوان المسلمون من حسن البنا إلى مهدي عاكف) للباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عبد الرحيم علي.
صدر المؤلف كتابه بمقدمة بدأها من السجال السياسي متصاعد الوتيرة بين السلطة وجماعة الإخوان المسلمين طارحا الأسئلة الشائكة التي ينتظر المجتمع الإجابة عنها من حركة الإخوان في إطار مراجعة يراها عبدالرحيم علي ضرورية مثل موقف الإمام المؤسس من قضايا الحزبية والتعددية السياسية، والديمقراطية الداخلية وصلاحيات المرشد العام وقضية السمع والطاعة، والموقف من أفكار إمام المتشددين في القرن العشرين سيد قطب، والتي ما زال الإخوان يتخذونها مرجعا أساسيا لحركتهم، وكذلك الموقف من العمليات الإرهابية التي نفذها الجهاز السري الخاص بالجماعة، والموقف من فكرة الجهاز السري ذاتها، وصولا للموقف من قضايا الإرهاب وحملة الأفكار المبررة له، كذلك الموقف من الدولة المدنية والدستور المدني ومفاهيم المواطنة وتقديم الإخوان برنامجا سياسيا اجتماعيا واضحا ومعبرا عن انحيازات ومواقف واضحة ومحددة.
ويبدو منذ المقدمة موقف المؤلف المناهض للجماعة وهي حالة ـ من حيث المبدأ ـ تتناقض مع البحث الموضوعي الذي يصل عبر الأدلة والمقدمات إلى النتائج المرجوة، فيقول عبدالرحيم لا يخلو تاريخ الجماعة من بعض الاشتباك التبريري لموقف ما أو مسلك بعينه، وهناك بعض الإجابات المراوغة أو المبهمة أو الفضفاضة ـ وهناك افتعال أعذار ـ أو حتى خلق أعذار وهمية ـ ولكن تبقى الضبابية والخطاب متعدد الأوجه هما السياق العام الذي تدور في فلكه تلك المراوغات .
النشأة والتأسيس
خصص الباحث الفصل الأول من كتابه لنشأة وتطور حركة الإخوان المسلمين، بادئا من رصد للحالة المصرية في الربع الأول من القرن العشرين وبالتحديد منذ عام 1907 عندما ظهرت مجموعة من الأحزاب التي تعبر عن توجهات وآراء مختلفة، ثم انهيار الدولة العثمانية رسميا وقيام الحرب العالمية الأولى، وهي من الأسباب التي يرصدها مرجعاً لنشأة الحركة، ثم يستعرض ثورة 1919 والتوجه الوطني. ويري أن الحركة نشأت نتيجة للسجال الذي دار بين التيارين التحديثي والمحافظ، وعلي أثره نشأت جماعة الشبان المسلمين عام 1927، ثم الاخوان المسلمون عام 1928.
ثم يستعرض المؤلف كيف بدأ الشيخ المؤسس حسن البنا دعوته من الإسماعيلية عندما عمل مدرسا بها والتف حوله ستة من المؤسسين الأوائل من الفقراء ذوي المهن البسيطة، وفي عام 1931 بعد إشهار الجماعة برز نشاطها في القاهرة حيث أسس البنا عددا من الشعب في أكثر من محافظة.
وفي الفصل الثاني يناقش المؤلف رحلة التأسيس من عام 1928 حتي عام 1945 ويطرح سؤالا مبدئيا هو: هل الجماعة دينية أم سياسية؟ ويجيب بأن المؤسس كان في الفترة الأولى حريصا علي تقديم الجماعة كجماعة دعوية تعمل بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، إلا أن المؤلف يذكر أنه في عام 1938 قام حسن البنا بطرح التحول من الدعوة إلى النضال بالأعمال حيث شدد على أن الجماعة ستخاصم جميع الزعماء والأحزاب، سواء كانوا في الحكم أو خارجه، خصومة وصفها بأنها لا سلم فيها ولا هوادة معها إن لم يعملوا على نصرة الاسلام واستعادة حكمه ومجده. وأعلن شعاره الذي بات شعارا للإخوان حتى هذه اللحظة وهو الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، لا ينفك واحد من هذين عن الآخر . تبع ذلك إعلان الجماعة كهيئة سياسية في المؤتمر الخامس عام 1939.
واعتبر البنا أن الحياة الحزبية باطلة وأن الجماعة فوق جميع الأحزاب. وينقل المؤلف رأي المفكر الإسلامي عبدالله النفيسي الذي اعتبر هذا الموقف يعكس غيابا للنظرة المتكاملة نظرا لأن الموقف ينفي الأدوار المؤثرة للأحزاب السياسية في وقتها.
بعد ذلك يتناول عبد الرحيم الإطار التنظيمي والحركي الذي تبلور في عام 1935 حيث تتشكل الجماعة من المرشد، مكتب الإرشاد، مجلس الشوري، نواب المناطق، نواب الفروع، مجالس الشوري المركزية، مؤتمرات المناطق، مندوبي المكتب، فرق الرحلات، فرق الإخوان، ثم صدر قانون للجماعة وتم إعداد نظام إداري، ومالية.
إلا أن المؤلف يرى أن الإطار الأساسي لم يكتمل سوى مع المؤتمر الخامس عام 1939 حسبما ينقل عن ريتشارد ميتشل، حيث انتشرت الدعوة وأصبحت في أوجها وصدرت القوانين الأساسية للجماعة ومجلتها الأسبوعية، وإصدار مجلة النذير ، وإنشاء الشعب، وتكوين التشكيلات الكشـــفية والرياضية، وتوضيح موقف الجماعة من الإصلاح الاجتماعي والسياسي وتشــــــجيع التعليم الديني ومقاومته التبشير، والدعوة إلى المنهاج الإسلامي ومهاجمة الحكومات المقصرة إسلاميا مع مهاجمة الحزبية، وأخيرا مناصرة القضايا الإسلامية الوطنية، ولم يأت عام 1944 إلا وكان كل مكان في مصر به شعبة من شعب الإخوان، حسبما ينقل المؤلف عن القيادي الإخواني محمود عبد الحليم.
ولا ينكر المؤلف الدور الذي قامت به الجماعة ابان الحرب الثانية حيث أعربت في خطاب لها لرئيس الوزراء علي ماهر عن تأييدها لعدم اشتراك مصر في الحرب ولعقد المساعدات المقدمة فيها لبريطانيا علي ما يلزمها به نص معاهدة 1936.

 ويضيف أنها فيما عدا ذلك واصلت الجماعة في الظاهر شرح قضيتها، كذلك قامت بدور فعال في إثارة المشاعر الوطنية ضد بريطانيا بالرغم من وجود حالة الحرب، إلا أن المؤلف يشير الي تحالف الإخوان مع القصر ضد حزب الوفد الذي كان حزب الأغلبية وانتهي الأمر بالقبض علي حسن البنا وعبد الحكم عابدين أمين عام الجماعة عام 1941.
التحول إلى حزب
في الفصل الثالث يعرض المؤلف للتحول منذ مؤتمر عام 1945 وذلك في ضوء مؤثرات ما بعد الحرب الثانية، حيث تحولت الحركة من جماعة إلى هيئة الإخوان المسلمين العامة . وأعلن البنا أن الحركة أصبحت حزبا سياسيا وهو إشهار كان يتم لأول مرة.

بعد ذلك يستعرض المؤلف استكمال الصياغة التنظيمية للإخوان، ثم بروز الوجه السياسي للحركة، حيث طرح البنا الرؤية السياسية للحركة التي تلخصت في إقامة الحكومة الإسلامية في كل قطر إسلامي، واحترام فرائض الإسلام وتحريم كل الموبقات كالخمر والزنا والقمار والكسب الحرام، وأن يتأسس تعليم إسلامي وأن تعد الشريعة الاسلامية هي المصدر الأول للقانون.
ثم يرصد المؤلف ما يسميه المحنة الأولى وحل الجماعة واغتيال حسن البنا وذلك بعد التنامي الملحوظ للجماعة منذ عام 1945 وتشكيل الجناح العسكري للإخوان واغتيال الخازندار والنقراشي الذي أصدر قرار حل الجماعة بعد تصاعد العمليات شبه اليومية للجهاز السري للإخوان، وقد رفض قاتل النقراشي في البداية الاعتراف بانتــــــمائه للجماعة لكن بعد أن أصدر البنا بيانـــــا قال فيه أن النقــــراشي مثال للنزاهة والعفة والوطنية جعل الشاب يعترف بجريمته، ثم اغتيال حسن البنا مساء السبت 12 شباط (فبراير) عام 1949 بعد أن حاول الجهاز السري تفجير محكمة الاستئناف للتخلص من الوثائق والمستندات التي تدين الجماعة.
في الفصل الرابع يتناول عبدالرحيم علي الإخوان والواقع السياسي المصري متناولا الإخوان والقصر ثم الإخوان و الوفد ، وكذلك مصر الفتاة والشيوعيين، ومما يذكره المؤلف في علاقة الإخوان بالشيوعيين هو طلب حسن البنا من السفارة الأمريكية تكوين مكتب مشترك بين الإخوان والأمريكان لمكافحة الشيوعية علي أن يكون أغلب أعضائه من الإخوان، وتتولي أمريكا إدارة المكتب ودفع مرتبات أعضاء الإخوان فيه.

وفي الفصل الخامس يتناول المؤلف الإخوان وموقفهم من قضايا رئيسية، أولها الموقف من الديمقراطية والحزبية، ويقول أن رسائل حسن البنا لا تخلو من مفارقات وتناقضات، فلا هي جماعة دينية تعمل في السياسة ولا هي جماعة سياسية ترفع شعارات دينية، ويذكر أن ما قاله البنا في البداية كان أقرب إلى التمايل الشكلي والتلاعب اللفظي، ويقول المؤلف أن الجماعة تعلن دائما عن معاداتها للديمقراطية والتعددية ونظام الحكم الدستوري الذي يخلو من المنافسة والتعددية بحيث يخلو النظام من الأحزاب، حيث يعتقد الإخوان ـ حسب المؤلف ـ أن هذه الحزبية أفسدت علي الناس كل مرافق حياتهم وعطلت مصالحهم، وأتلفت أخلاقهم، ومزقت روابطهم وكان لها في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر.
الموقف من العنف
ثم يستعرض عبدالرحيم موقف الإخوان من العنف والإرهاب، ويستعيد بالطبع التاريخ الذي ارتبط بتشكيل جهاز العمليات الخاصة بالإخوان والترتيب التنظيمي له ويستعيد كذلك عددا من الاغتيالات التي قام بها الجهاز، مما يشير إلى موقف الجماعة من العنف، وإن كان موقفها الراهن موصوفا بالضبابية وعدم الوضوح، ثم يتناول المؤلف مذكرة حل الجماعة وكشف المستور، وهو يسوق ذلك عبر اعترافات العديد من القيادات بالتشكيلات والعمليات الإرهابية التي قامت بها الجماعة.
ثم ينتقل المؤلف إلى الموقف من المرأة وينقل عن الجماعة موقفها الداعي إلى مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون والتشديد في ذلك لا سيما علي المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن في حكمهن، وإعادة النظر في مناهج تعلم البنات ووجوب التفريق بينهما وبين الاختلاط، ثم يستعرض موقف الإخوان من تولي المرأة المناصب العليا، وكذلك موقف الإخوان من الزي والمظهر، ويلخصها المؤلف في ذلك الموقف الإخواني القائل: حركة تحرير المرأة يحمل لواءها عبيد الاستعمار في العالم الاسلامي، ومن العجب أن يقوم بالدعاية لتحطيم الأسرة من يحسبون علي الإسلام، لقد تدهورت الآداب العامة ودفعت المرأة ضريبة فادحة، لما دفعت إليه من تبرج وانحلال واختلاط .
ثم ينتقل المؤلف إلى موقف الإخوان من قضايا الوحدة الوطنية والموقف من الأقباط، ويعتبر أن هذه القضية من القضايا الدالة، سلبا وإيجابا علي حالة مصر السياسية، وينقل عن رسالة للإمام حسن البنا قوله: الإسلام يحمي الأقليات غير المسلمة ويصون حقوق الأجانب، غير أن الموقف كان متراوحا ووصل إلى ذروته مع المرشد عمر التلمساني الذي شكك في ولاء غير المسلمين، ثم يستعرض المؤلف موقف الإسلام من بناء الكنائس عبر خطاب الإخوان المسلمين.
أما الباب الثاني الذي جاء تحت عنوان محطات في تاريخ الإخوان فقد ناقش الإخوان وثورة يوليو.. الوفاق والصدام، ثم الإخوان والسادات، والتنظيم الدولي للإخوان واقتصاديات الإخوان والأهداف الاستراتيجية بين الديني والسياسي، عبر مناقشة أفكار تيار الإخوان السبعيني، والمحافظين والمجددين ثم أسلحة المجتمع، ثم النقد الذاتي والموقف من السلطة، وعلاقة الإخوان بالولايات المتحدة، واستعراض انتخابات 2005 وآفاق المستقبل ثم تضمن الكتاب بعض الوثائق حول برامج الإخوان المسلمين.