الثلاثاء 08 أكتوبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبد الرحيم علي يكتب: الوضع القبطى فى مصر: لمحة تاريخية لاستشراف المستقبل

نشر بتاريخ 29 ديسمبر 2013 بموقع "المركز العربي للدراسات والبحوث"

نشر
عبد الرحيم علي

 

مما لا شك فيه أنه يلزمنا قبل البدء فى وضع تصور لكيفية التعامل مع الشأن الطائفى إلقاء نظرة على الوضع القبطى فى التاريخ الحديث فى ظل أنظمة الحكم المختلفة لفهم الواقع واستشراق المستقبل بفهم ووعى وثقة.

وفى هذه الدراسة سوف نتناول مجموعة من النقاط، والتى تتمثل فى: نظرة تاريخية على وضع الأقباط فى العصر الحديث، وتأثر الوضع الطائفى فى العصر الحالى بعدة مؤثرات، باباوات الكنيسة الأرثوذكسية فى العصر الحديث، ونتائج ومؤشرات اللمحة التاريخية، وأخيرًا، الأقباط وثورة 25 يناير.

أ. نظرة تاريخية على وضع الأقباط فى العصر الحديث

نتناول فى هذه الجزء وضع الأقباط كشعب فى ظل الأنظمة السياسية المتاعقبة. كما يلى:

أولا: عصر محمد على (1805-1848)
- عام 1848 حدوث أول تعداد للشعب المصرى بطريقة علمية وبلغ تعدادهم 4.467.440، وذلك فى عهد محمد على ويعد هذا العهد بداية النهوض لمسيحى مصر .. حيث اتخذ عدة قرارات بالنسبة لهم.

1. إلغاء القيود على الزى (التقيد بإرتداء الأزرق والأسود)، وعدم ارتداء العمائم.
2. السماح لهم بركوب الحمير والبغال.
3. السماح لهم بحمل السلاح.
4. السماح لهم بحرية ترميم وبناء كنائس.
5. السماح لهم بزيارة القدس.
6. السماح لهم بتولى عدد من المناصب (عين المعلم غالى أبو طاقية كبير للمباشرين – مسئول عن تحصيل الضرائب)

ثانيا: عصر الخديوى عباس (1849- 1854)
- عقب وفاة محمد على عام 1849 وتولى ابنه عباس قام بعزل المسيحيين من المناصب المهمة وسعى إلى طردهم من مصر وتصدى له الشيخ الباجورى شيخ الأزهر.
ثالثا: عصر سعيد باشا (1854- 1863)
- شهدت فترة حكمه بما يمكن تسميته بالمساواة التامة بين المسلمين والمسيحيين من خلال القرارات الآتية:
1. إلغاء الجزية عام 1885.
2. تجنيد المسيحيين بجيش الدولة.
3. إلغاء الاحتفالات التى تتم عقب اعتناق المسيحى للإسلام.
4. صدر فى عهده الخط الهمايونى من الباب العالى عام 1856 والمنظم لبناء الكنائس بدولة الخلافة، والذى اجمع وصدر مجاملة للدول الأوربية التى وقفت بجانب دولة الخلافة فى حربها ضد روسيا (طيهة).
5. صدر فى عهده فرمان الباب العالى بإعتبار البروتستانت (النجيليين طائفة مستقلة) وبدء توافدهم إلى مصر عام 1854 وانشىء أول مجمع مشيخى انجيلى عام 1860.
رابعا: حكم اسماعيل ( 1863 – 1878 )
- أنعم على أول مسيحى برتبة الباشوية (نوبار باشا).
- تشكيل أول مجلس ملى فى 16/1/1974 وانتخب بطرس باشا غالى وكيلاً له فى ظل غياب البابا لوفاته فى ظل اختصاصات تتيح له إدارة الأمور المالية والادارية.
خامسا : حكم توفيق (1878 – 1892)
- شهدت فترة حكمه استمرار للعهود السابقة فى نظرة الدولة وتعاملها مع المسيحيين.
سادسا فترة احتلال الانجليز لمصر 1882
- شهدت فترة الاحتلال قمة تصاعد المسيحيين فى مصر حيث تولى بطرس غالى باشا رئاسة الوزراء عقب توليه منصب وزير الخارجية (قتل عام 1910 لأسباب سياسية).
- تأسيس تيار مدارس الأحد على يد حبيب جرجس (والذى ادى إلى تعاظم دور الكنيسة فى المستقبل)
- وسعى ممثلى الاحتلال (المعتمد البريطانى – المندوب السامى) إلى استقطاب المسيحيين إلا أن الكنيسة كانت ترفض ذلك.
- بتاريخ 5/3/1911 عقد مؤتمر لبحث مشاكل الأقباط برعاية من مطران اسيوط قادة توفيق دوس – مرقس حنا – واخنوخ فانوس شارك فيه ألف شخص (طالبوا فيه أن يكون يوم الاحد عطلة للأقباط – تعاليم الدين المسيحى لطلبة الأقباط – وضع نطام يكفل تمثيل جميع عناصر الأمة بالمجالس النيابية).
- بتاريخ 29/4/1911 عقد مؤتمر برئاسة/ رياض باشا (رداً على المؤتمر الأول) لبحث مطالب الآمة المصرية شارك فيه المسلمون والمسيحييون انتهى إلى عدم جواز قسمة الحقوق السياسية على أساس طائفى وأن عطلة الدولة الجمعة فقط .. وحرية ممارسة الحقوق السياسية للجميع وعدم السماح لأى طائفة دينية بدائرة انتخابية خاصة.
- عام 1919 وعقب ثورة 19 وايفاد انجلترا لجنة ملنر عقد القس/ باسيليوس وكيل البطرخانة اجتماعاً بمقر البطرخانة بكلوت بك وحضره ألف قبطى ... طالبوا فيه رئيس الوزراء المسيحى/ يوسف وهبة بالاستقالة لتعاونه مع اللجنة المشار إليها ضد الاجماع الشعبى آنذاك والمتأجج والداعم لسعد زغلول.. وخطب القمس/ باسيليوس فى الأزهر مع شيخان من الأزهر ونفوا عقبها إلى رفح.
- 1921 بدء ظهور حركة الإخوان المسلمين.
- عام 1921 تم اعتقال سعد زغلول وفريق من معاونية منهم مسيحيان.
- عام 1934 وفى وزارة اسماعيل صدقى أصدر العزبى باشا وزير الداخلية ما يطلق عليه الشروط العشرة لبناء الكنائس وكان سبب إصدارها وجود فراغ قانونى ينظم بناءها.
- استمر السابق سائداً من خلال مشاركة الأقباط مشاركة قوية فى الانتخابات فى الحياة السياسية خاصة مع كثافة تواجد صفوتهم فى حزب الوفد والذى بدء صراعاً مع الملك، استغل فيه الملك فاروق الدين سلاحاً ضد هذا الحزب ووجهت عدد من الإقلام الإسلامية اتهامات لحزب الوفد أنه حزب الأقباط.
سابعا: فترة ثورة يوليو وحكم الرئيس جمال عبد الناصر (1952 – 1970)
- عام 1952 قامت ثورة يوليو وفى ذهن المصريين أن حزب الوفد هو حزب للأقباط موالى للانجليز، وهذا ما يفسر خلو مجلس قيادة الثورة من أى قبطى. إلا أن الوزارات فى عهد الثورة (منذ عام 1952 حتى نهاية عصر جمال عبد الناصر ) وعددهم 18 وزارة ضمت فى جميعها وزير قبطى واحد عدا وزارة صدقى سليمان عام 1966 لم تضم أى قبطى وكانت حقائب التموين والمواصلات هى المخصصة لهم.
- بتاريخ 11 سبتمبر عام 1952 أعلن المسيحى/ إبراهيم فهمى هلال تأسيس جماعة الأمة القبطية تحت شعار (الله ملكنا – مصر بلدنا – الانجيل شريعتنا – الصليب رايتنا – المصرية لغتنا – الشهادة فى سبيل المسيح غاية الرجاء) (لاحظ مماثله لشعار الإخوان المسلمين).
- وحدد للجماعة أهداف وهى:
1. رفاهية الكنيسة القبطية.
2. تطبيق حكم الإنجيل على أهله.
3. تعلم الأمة القبطية اللغة القبطية.
- وصدر قرار حلها بتاريخ 24 يوليو 1954 عقب اختطافهم للبابا/ يوساب وطرده من دار الكتدرائية.
- وشهد عهد الثورة مصادرة للاوقاف القبطية وإلغاء المحاكم الشرعية والمالية.
ثامنا: فترة حكم الرئيس السادات (1970 – 1981)
- عام 1970 بدء حقبة الرئيس السادات والتى صاحبها بدء تولى نظير جيد الكرسى البطريركى بالقرار الجمهورية رقم 2782 بإسم/ البابا شنودة واستمر الرئيس السادات على نهج سابقيه من احترام الأقباط والمساواة بينهم وبين المسلمين ومنح الأقباط حقيبة احياناً أو اثنين من الحقائب الوزارية.
- أبرز الأحداث والمواقف ذات البعد الطائفى فى عهد الرئيس السادات:-
1. صدور دستور 71 والذى ينص فى مادته الثانية على أن الإسلام دين الدولة ومبادىء الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع.
2. إطلاق سراح الإخوان المسلمين عام 1971.
3. تعدد الأحداث الطائفية ذات الصدى (أحداث الخانكة – أحداث الزاوية الحمراء).
4. اعتراضت الكنيسة على مشروع قانون الردة.
5. بدء ظهور قوى قبطية بالمهجر مناوئة ومطالبة وناقدة للنظام.
6. أصدار قرار بعزل البابا شنودة وتشكيل لجنة لإدارة شئون الكنيسة عام 1981.
7. بدء نهوض الطائفة الانجيلية برئاسة/ صموئيل حبيب.
تاسعًا: عصر السيد الرئيس/ محمد حسنى مبارك (1981- 2011)
· استمرار الأحداث الطائفية.
· استمرار الأبواق القبطية فى المهجر فى احتجاجاتها.
· إصدار قرار بإعادة تعيين البابا شنودة.
· اجتياح الدولة موجة من الإرهاب طالت المسلمين والأقباط.
 فى الفترة من 1992 حتى 1996
عدد القتلى
مسلم
154
87
مسيحى
عدد المصابين
430
46
- عام 1998 صدر القرار الجمهورى رقم 12 لسنة 1998 “,”بأن يكون الترخيص بترميم الكنائس من اختصاص المحافظين“,”، والذى كان من اختصاص رئيس الجمهورية.
- عام 1999 صدر القرار الجمهورى رقم 453 لسن 1999 فى المادة الأولى “,”يكون الترخيص بترميم وتدعيم كافة دور العبادة من خلال الجهة الإدارية ذات الاختصاص بشئون التنظيم فى كل محافظة وعليها البت فى الطلبات المقدمة فى هذا الشأن وفقاً للإجراءات المنصوص عليها“,”.
- ب: تأثر الوضع الطائفى فى العصر الحالى بعدة مؤثرات
أولاً: تحول مصر من المعسكر الشرقي مع الاتحاد السوفيتى إلى المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة. وقد استفادت الكنيسة من هذا الوضع حيث شرع البابا شنودة الثالث إلى إقامة كنائس للطائفة بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وكندا وإستراليا لربط أبناء الطائفة بكنيستهم وللحصول على أموال التبرعات منهم (العشور)، كما استغل أبناء الطائفة بالمهجر (خاصة المتجنسين) فى الضغط على الدولة واستخدامهم كأداة لإبتزازها.
ثانيًا: قوانين حماية الأقليات الدينية : عقب انهيار الاتحاد السوفيتى وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم فى ظل نظام احادى القطبية اتخذت الولايات المتحدة عدة إجراءات للسيطرة على دول العالم. كان من أهمها استقطاب الأقليات الدينية والعرقية لها لاتخاذهم أداة ضغط ومبرر تدخل إذا لزم الأمر وفى هذا الإطار بدأت الحملة لحماية المضطهدين دينياً (خاصة المسيحيين وخاصة الانجيليين بمقال نشر بجريدة وول ستريت بقلم محام يهودى يدعى/ مايكل هورو فيتز “,”Michael Horowitz“,” عام 1995 اعتبر فيه أن الاضطهاد للمسيحيين قد صار مخيفاً وحث على عدم السكوت على ذلك. ونتج عن ذلك عقد مؤتمر “,”لبيت الحرية“,” freedom- house “,” بتاريخ 23/6/1996 تحت عنوان (الاضطهاد العالمى للمسيحيين)، اتخذ التوجيهات الآتية:-
أ ) إعلام الرأى العام بما يحدث للمسيحيين من اضطهاد من خلال الإجراءت الآتية:-
1. سياسة دبلوماسية جديدة لإدانة الاضطهاد.
2. إصدار توجيهات للسفراء لعقد لقاءات دورية بالتيارات الكنيسية فى البلاد التى بها اضطهاد.
3. تعيين مستشار خاص للرئيس للحريات الدينية.
4. تقديم المساعدات الدبلوماسية ومنح حق اللجوء للمضطهدين.
5. ربط التجارة والمفاوضات الدولية بأوضاع الاضطهاد الدينى.
ب ) إصدار تقارير دقيقة وموثقة من قبل مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية حول الاضطهاد الدينى، وقد اقترح لذلك الآتى:-
1. تطوير دور السفارات.
2. التمييز فى التقرير بين المجموعات المسيحية المتنوعة وأوضاع الحرية لكل منها.
وقد اسفر ذلك عن استماع عدد من الدوائر الحكومية لشهادات عدة أشخاص من الملمين بهذه القضية وكان معظمهم من اليهود وكان تركيزهم على الأسلمة انقراض المسيحيون الشرقيون فى ظل الحكم الإسلامى.
وفى ضوء تلك الشهادات كلف الرئيس كلينتون وزير خارجيته “,”وارين كريستوفر“,” بتشكيل لجنة لمتابعة لمناقشة الموضوع، واطلق عليها لجنة “,”الشريط الأزرق“,”، ونتاج ذلك صدر تقرير الخارجية عام 1997 حول الحرية الدينية فى العالم مع التركيز على وضع المسيحيين “,” هكذا جاء نص التقرير“,” فى عهد مادلين أولبريت.
وقد أثمرت الحملة عن صدور قانون التحرير من الاضطهاد الدينى عام 1997 واعقبه قانون رون نيكلز عام 1998. وفى نفس العام صدر قانون “,”الحرية الدينية فى العالم“,” والذى لا يتسع المجال لعرضه ويكتفى بالإشارة إلى أنه يعطى الحق لأمريكا فى عقاب أى دولة تمارس أى شكل من أشكال الاضطهاد الدينى.

وعقب صدور القانون شعر الأقباط فى مصر أنهم فى حالة استقواء بالخارج وظهر ذلك جليا فى تعاملهم مع الإخوان المسلمين وتعاملهم (كنيسة – وشعب) مع الدولة.
واستمرت تلك الحالة لمدة عام واحد فقط، حتى وقع حادث الكشح الأول، وهو عبارة عن أعمال عنف واضطرابات وقعت في 31 ديسمبر 1999 في منطقة الكشح بمركز البلينا بمحافظة سوهاج في صعيد مصر. أدت أعمال العنف إلى مقتل 20 شخصا كان 19 منهم من أتباع الكنيسة القبطية وأصيب 33 آخرون بجروح. استنادا إلى افادات رسمية عن الحادث فإن خلافا وقع بين تاجر قبطي وأحد الزبائن المسلمين عشية رأس السنة في 31 ديسمبر 1999 كان السبب وراء اندلاع المواجهات، إلا أن التوتر كان سائدا في البلدة عندما استرعت الكشح الانتباه الدولي للمرة الأولى في عام 1998، عندما اتهمت جماعة مصرية تعنى بحقوق الإنسان الشرطة باعتقال مئات الأقباط وتعذيب العديد منهم أثناء تحقيقها في جريمة قتل اثنين من المسيحيين وعبرت الجماعة عن اعتقادها بأن الشرطة وقتها كانت تريد إلصاق التهمة بأحد الأقباط لتجنب تصعيد حدة التوتر بين المسلمين والمسيحيين وقد نفت الحكومة المصرية ذلك في حينه.

جـ: باباوات الكنيسة الأرثوذكسية فى العصر الحديث
عقب القاء الضوء على الوضع الطائفى فى ظل أنظمة الحكم المختلفة يلزمنا القاء الضوء أيضاً على الوضع الدينى المسيحى فى ظل الرئاسات الدينية المختلفة للخروج بالنتائج المرجوة ...
1- البابا/ بطرس الجاولى (1809 – 1852)
عصر محمد على باشا
- فى عهده عاد إلى البطرخانة كرسة النوبة والسودان عقب انفصال دام 50 عام (عقب نجاح محمد على فى ضم السودان إلى مصر).
- رفض عرض قيصر روسيا وضع الكنيسة القبطية تحت حمايته
- رسم 25 اسقفاً.
- لم يتعرض لأى من أمور السياسة.
2- البابا/ كيرلس الرابع (1854 - 1862)
(عاصر – عباس الأول/ سعيد باشا)
- أنشأ المدرسة القبطية الكبرى وشدد على تعلم اللغة القبطية (سمى أبو الإصلاح)، واشترى مطبعة.
- تولى الكرسى عقب صراع مع اسقف اخميم الطامع للكرسى لجأ مؤيدى الطرفين للخديوى والسفير الانجليزى. وكادت تعم الفتنة وسعى مؤيدى كيرلس إلى رسامته سراً إلا أن مؤيدى الأول اقتحموا مكان الرسامة بالعصى مما دعاه إلى الفرار، وانتهى الأمر إلى حل وسط وهو رسامته مطران عام يشرف على البطرخانة للتأكد من حسن سياسته وسيرته وتم رسامته عقبها بطريركيا.
- صدر فى عهده الخط الهمايونى فى 18/2/1856 وعندما لمس تقاعس من الخديوى سعيد فى تنفيذه بنوده (والتى اعطت الحرية فى بناء الكنائس وترميمها وساوت بين جميع الطوائف والملل) اعتزل فى الدير صحبة الأنبا/ كلينكوس بطريرك الروم الاثوذكس (مما يكذب دعاوى أن الخط الهمايونى دليل اضطهاد).
3- البابا ديمتريوس الثانى (1862 – 1871)
(عاصر- الخديوى سعيد / الخديوى إسماعيل)
- شارك فى حفل افتتاح قناة السويس.
- نشط فى مواجهة الانجيليين الذين وفدوا على مصر.
- عقب وفاته عين الأنبا/ مرقص مطران البحيرة وكيلاً عاماً لإدارة الكرسى البطريركى ريثما تتم رسامة بطريرك جديد واستمر الكرسى شاغراً قرابة العامين .. اثناء ذلك وعام 1872 وبضغط من جبهة يطلق عليها طلاب الإصلاح يتزعمها بطرس غالى استغلت حالة الفراغ الدينى فى الضغط على وكيل الكرازة لتشكيل هيئة موازية لسلطة الكنيسة تتولى الإشراف على الأموال والإيرادات والأوقاف القبطية. وعليه تم تشكيل المجلس الملى فى 16/1/1874 وبدء ممارسة مهامه فى 6 فبراير 1874 بفرمان خديوى مصر.وكان موافقة الأنبا/ مرقص على انشاء هذا المجلس رغم استيلائه على صلاحيات البابا والكهنة طبعاً فى مؤازرة الإصلاحيين له فى تولى الكرسى نظرا لأنهم من الباشوات والأغنياء ذو النفوذ وبالفعل كاد يصدر فرماناً بذلك إلا أن الأساقفة اجتمعوا على رسامة آخر وهو البابا/ كيرلس الخامس؟
4- البابا/ كيرلس الخامس (1874 – 1927)
(عاصر الخديوى إسماعيل/ توفيق/ السلطان حسين / الملك فؤاد)
- انشأ 13 كنيسة وعدد من المدارس وتمكن من زيادة إيراد الكنيسة واشترى 500 فدان.
- ورث المذكور المجلس الملى رغماً عنه ووجد معه تقليصاً لسلطانه فسعى إلى حله وتجميد دوره. وسعى فيه بطرس غالى إلى تفعيله لما رأه من سوء إدارة الأموال وأعيد تشكيله عام 1883 بأمر من الخديوى بالاختصاصات الآتية:
- حصر الأوقاف والمدارس والأديرة وجمع حججها ومستنداتها.
- إدارة المدارس والمطبعة ومساعدة الفقراء.
- الفصل فى منازعات الزواج والطلاق وغيرها.
- يكون رئاسة المجلس فى حالة غياب البابا لأحد اعضائه.
- يتشكل من 12 عضواً و 12 نائباً يضافون إلى الأعضاء لتكوين الجمعية العمومية.
أعلن البابا بمشاركة المجمع المقدس/ عدم تقيده بتلك اللائحة.
- صار المجلس فى حكم المنحل حتى عام 1891 حين طالب الأقباط إعادة تجديد انتخابه وحددوا لذلك موعداً فطلب البطريرك من محافظ القاهرة منعه فقاومه رجال الإصلاح بزعامة بطرس غالى.
- عام 1892 كتب البابا إلى الحكومة معلناً أن المجلس المللى مخالف للدين المسيحى.
- اتفق الطرفان على حل وسط يقضى بالتنازل عن كثير من صلاحيات المجلس المللى، إلا أن البابا رفض، فطلب بطرس غالى وأعيان الأقباط من الحكومة نفى البابا ومساعده الأنبا/ يؤانس مطران البحيرة، فصدر أمر خديوى بنفى الأول بدير البرامواس والثانى بدير الأنبا/ بولا بالبحر الأحمر وتم تعين الأنبا/ باسليوس نائباً للبطرخانة.
- أثار ذلك غضب الأقباط وخاصة الكهنة والبوا الشعب على الحكومة وقرارها وسعى الأساقفة لدى قنصل روسيا والذى نشط لدى الباب العالى مما دفع رياض باشا رئيس الوزراء لإصدار قرار عام 1893 بإعادة المنفيين إلى الكتدرائية.
- عاد البابا قوياً وقبل العمل بلائحة 1883 بشرط أن تؤلف لجنة ملية تعمل بجواره بدل من المجلس المنتخب.
- عام 1927 تقدم سوريال جرجس عضو مجلس الشيوخ بمشروع لتعديل لائحة 1883 ليسترد المجلس المللى اختصاصه كاملاً وتشكيله الاول .. فصدر بذلك القانون رقم 19 لسنة 1927 كان البابا قد وهن وبلغ من العمر 100 عام إلا أن الأساقفة ورؤساء الأديرة قاوموا ذلك القانون وشرعوا فى بيع مواشى ومزروعات الأديرة واجروا الأراضى المملوكة للآديرة لفترات طويلة. ولحل هذا الخلاف صدر قرار وزارى بتاريخ 1929 يفرغ المجلس المللى من اختصاصه.
5- البابا/ يؤانس التاسع عشر (1929 – 1942)
(عاصر الملك فؤاد/ الملك فاروق)
- كان مطراناً للبحيرة والمنوفية.
- عضواً معيناً بمجلس شورى القوانين وعضو لجنة وضع الدستور.
- كما سبق نفيه صحبة الأنبا/ كيرلس الخامس.
- عقب وفاة البابا كيرلس قاوم الإصلاحيين ترشيحه وزكوا الأنبا/ مكاريوس أسقف أسيوط، والذى سبق أن أعلن موافقته على مطلب الإصلاحيين بتعزيز اختصاصات المجلس المللى. وبهذا ظهر الأخير كمرشح للإصلاحيين ويؤانس كمرشح للكهنة المحافظين. وتناقلت جموع المؤيدين لهذا وذاك بين وزارة الداخلية ورئيس الوزراء وانفلتت فى القداسات بالكنائس هتافات لهذا وذاك. وأصدر الملك فؤاد قراراً بتعيين يؤانس/ قائم مقام والذى اجتمع، كما إصدر عدة قرارات أثارت الرهبان مما دفع رهبان البحر الأحمر رهبان دير المحرق مستندين لعدم جواز إصدار قرار كنسى إلا بعد تولى البطريرك.
- تم إعداد لائحة 1928 المنظمة لانتخابات البابا والتى أدت إلى فوز يؤانس وظل كثيراً من الأقباط غير معترفين به منهم قسوساً مثل القمص/ سرجيوس والذى وزع منشورات مناوئة له.
6- البابا مكاريوس (1944 – 1945)
(عاصر الملك فاروق الأول)
- مطران أسيوط (1897 – 1944) – مواليد 1876.
- عقب وفاة البابا يؤانس ثار خلاف حول لائحة 1928 المنظمة لانتخاب البابا فصدرت لائحة أخرى عام 1942 وكانت جملة المرشحين (6) 4 مطارنة ورهبان. وأبرزهم يوساب مرشح الكهنة وفاز مكاريوس مرشح الإصلاحيين، والذى فاز بعدد 1221 صوت ضد سوساب 736.
- فور جلوسه على الكرسى منح الإصلاحيين مطالبهم بالإشراف على الأديرة والأوقاف. مما حدا بالمجمع المقدس الاجتماع بدون أذنه وإصدر قراراً برفض قرارات البابا وعرض مذكرة على مجلس الوزراء، ورد الإصلاحيين بمذكرة أخرى انتهت إلى عدم الأعتراف بقرار عام 1928 ويقر بحق المجلس المللى فى إدارة الأوقاف إدارة فعلية دون منازعة. وقد أدى ذلك إلى انقسام الكنيسة إلى مجلس مللى يمثل الإصلاحيين ومعهم البابا ومطارنة وأساقفة لا يعترفون به أو بقراراته وينظرون إليه بأنه مجرد مطران وهو كبيرهم ليس إلا. أدى هذا الموقف إلى مغادرته مختاراً مقر الكاترائية واعتكف فى ضاحية حلوان ثم إلى دير الأنبا/ بولا بالصحراء الشرقية. (بتاريخ 28 سبتمبر عام 1944) ثم عاد عقب عدة أشهر وحال عودته الغى ما منحه من صلاحيات للمجلس المللى، واعاد الأمر إلى لائحة 1928 .. مما أثار ضده الإصلاحيين.
- فى عهده تم الاعتراض على قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين والصادر عام 1945 وطالب أساقفه بعدم الاعتراف بالطلاق إلا لعلة الزنا.
7- البابا/ يساب الثانى (1946 – 1956)
(عاصر الملك فاروق – محمد نجيب –جمال عبد الناصر)
- مطران جرجا واخميم ( 1920 – 1946).
- سيطر خادمه/ ملك جرجس على مجريات الأمور بالكاتدرائية وفرض اتاوات على الكنائس والأديرة وتلقى رشاوى نظير رسامة الأساقفة وبلغت ثروته عام 1950 ربع مليون جنيه !!؟
- عام 1950 اقتحم البابا ورجاله حجرة لجنة ناخبى المجلس المللى فى 10 فبراير واعتدوا على أعضائها بالضرب.
- عام 1954 تعرض البابا للاختطاف (سبق ذكر ذلك).
- فى 25/9/1954 عقد المجمع المقدس برئاسة البطريرك وقدم له الأساقفة طلبات إصلاحية منها ابعاد المدعو/ ملك ..وتشكيل لجنة ثلاثية للأشراف على الكنيسة إلا أنه رفض فانعقدوا بدونه فأصدر قراراً بعودتهم إلى مطرانيتهم وبدء بعقد لقاءات لأساقفة القاهرة بمنزل/ ملك.
- عام 1955 تسلل شاب إلى الكاترائية محاولاً اغتياله وقبض على الفاعل واتهم قساً بتحريضه ومعاونته.
- فى 16 سبتمبر عام 1955 قضى المجمع المقدس بعزله حيث توجه فى 24 سبتمبر إلى دير المحرق.
- فى 20/4/1956 عقد المجللس المللى اجتماعاً هاجم فيه يوساب.
- سعى يوساب إلى كسب انصار جدد لإعادته إلى الكرسى الباباوى وبالفعل دعى إلى عقد مجمع مقدس بمقر دير المحرق ووصل إلى القاهرة فى 24 يونيو 1956 إلا أن الأمن حال دون دخوله البطريركية فتوجه إلى المستشفى القبطى وكان المنع بطلب من المجلس المللى والمجمع المقدس {الحملة على الأنبا/ يوساب قادها الأستاذ نظير جيد (رئيس تحرير مجلة مدارس الأحد البابا/ شنودة فيما بعد)}
- مات فى 13 نوفمبر 1956.
8- البابا/ كيرلس (1959 – 1971)
عاصر الرئيس/ جمال عبد الناصر – السادات)
- صدر القرار الجمهورى رقم 1957 باعتماد لائحة انتخاب البابا (كل باب باللائحة) مما أدى إلى تولى المذكور للكرسى الباباوى.
- صدر فى عهده قرار منع الأقباط من زيارة القدس عقب نكسة 1967.
د: نتائج ومؤشرات
على ضوء ما تم سرده للواقع الطائفى فى مصر فى العصر الحديث يمكن الخروج بالنتائج الآتية على ضوء المعطيات السابقة.
إن الأقباط مروا فى العصر الحديث بعدة مراحل..
الأولى: فترة النهوض وبدأت منذ عصر محمد على حتى عصر الخديوى توفيق (1809 – 1882)، حيث شهدت تلك الفترة بدء النهوض.
الثانية: فترة المساواة والمشاورة فى ادارة شئون البلاد (1882 – 1952)
- وبدأت مع الاحتلال الانجليزى لمصر والتى تمتعوا فيها بكافة المميزات السياسية والدينية والاقتصادية تجاوزت تمثيلهم العددى داخل المجتمع مستقويين بالاحتلال.
الثالثة: فترة الانحسار (1852 – 1971)
- حيث انحسر دور الأقباط فى إدارة شئون البلاد من الناحية السياسية، كذا اطاحت القوانين الاشتراكية بثروات وممتلكات أغنيائهم (ضمن الإطار العام)، وبعد إلغاء الديمقراطية استسهل النظام التعامل مع الكنيسة حال رغب فى مخاطبة الأقباط (وهو الخطأ الرابع).
الرابعة: فترة مواجهة الدولة (1971 .....)
- والتى سعت لاستغلال تحرك مصر إلى الغرب (المسيحى) سياسياً واقتصادياً للإستقواء بالخارج الطامع فى أحكام هيمنته على البلاد فى إطار مسعاه المماثل تجاه دول العالم وبرزت مظاهر المواجهة فيما يلى:
1. إنكار انتمائهم للمحيط العربى.
2. إقامة كنائس واستيلاء الأديرة على مساحات من الأراضى دون الرجوع للدولة وبصورة مستفزة والشكوى من منع بناء الكنائس.
3. مقاومة أشهار الإسلام من خلال ادعاءات باطلة.
4. السعى لفتح خط عودة لمن سبق اشهار إسلامه (العائدون للمسيحية)
5. دفع المتنصرين لإعلان تنصرهم .. (محمد حجازى – محمد الجهرى – نجلاء الأمام).
6. رفض الأحتكام فى الأحوال الشخصية للإسلام فى حالة اختلاف الملة.
7. احتواء الكنيسة للأقباط بالترغيب والترهيب.
8. الهجوم المستمر والمنظم والممنهج على عقيدة المسلمين (زكريا بطرس).
9. تصوير المسلمين على أنهم غزاة محتلين (إعداد جريدة الكتيبة الطبية – مجلة الطريق).
ومن قراءة الوضع الطائفى نجد أن الأقباط فى حالة تخبط بين تيارات أساسيان:
الأول، معتدل: ويرى ضرورة طرح المشاكل القبطية فى إطار الجماعة الوطنية وأن الأقباط جزء من نسيج هذا المجتمع ولا يجب اللجوء إلى الخارج والاستقواء به وأن ما يتعرضون له هو جزء من معتقدهم الدينى والذى ورد فى الانجيل “,”عن مرورهم بمضيقات واضطهاد“,” ولا يجب المزايدة والمتاجرة بذلك وأن ما تمر به مصر من احتقان طائفى هو حالة عارضة يمكن تجاوزها بالقضاء على مسبباتها والتى تكمن فى الآتى:
· غزو الفكر الاصولى (السلفى) لمصر.
· الفراغ السياسى الذى بدء عقب ثورة يوليو..
· اقصاء مبدأ المواطنة وحلول افكار تقسم المجتمع طبقا لما هو ديني (فى الاغلب) وعرقى.
· إعلان الكنيسة نفسها متحدثة باسم المسيحيين ومدافعة عنهم.
- وهذا التيار متنبه للدور الخبيث للقوى الغربية والتى تسعى إلى تفتيت المنطقة من خلال أحداث الشقاق والخلاف وتقسيم الدول إلى اثنيات عرقية ودينية.
- وتنطلق رؤى هذا التيار من قاعدة أن الاستقواء بالخارج هو مغامرة محفوفة بالمخاطر قد يدفع فيها الأقباط ثمناً باهظاً فى حالة تغيير موازين القوى العالمية.
- إلا أن هذا التيار تلقى صدمته الأولى عقب سقوط الدولة ممثلة فى نظام مبارك والاحباط من الدعم الدائم الذى تلقاه الإسلام السياسى من قوى الغرب حتى يصل إلى الحكم فى دولة ما يطلق عليه الربيع العربى.
الثانى، تيار متشدد (متطرف): وله رؤية معاكسة للتيار الأول ويرى أنه يجب اتخاذ موقف معادى للدولة لكونها تمثل نظام إسلامى محتل واستخدام كل قوى الأقباط وإمكانياتهم فى خلق تعاطف دولى مع قضيتهم (المفتعلة) للضغط على الدولة وتشكيل كيانات قبطية تهدف إلى أضعاف سطوة نظام الحكم على الدولة كتمهيد لإجلاء المحتلين المسلمين ولا بأس من الاستعانة بأعداء (اليهود ... وغيرهم) لتحقيق هذا الهدف اسوة بما فعله اليهود فى إسرائيل واستلهاماً بما قام به المسيحيون بالأندلس من طرد المسلمين منها بعد 800 عام من حكمهم (راجع مقالات مجدى خليل بجريدة وطنى وتصريحات موريس صادق) .
- ويتهم هذا التيار الكنيسة أحياناً بالخنوع ضد الدولة ويحرضها لاتخاذ موقف أكثر تشدداً.
وبين التيارين تقف الكنيسة
- مخاطبة الدول والمحيط المسلم برؤى وأفكار التيار الأول (من خلال بعض قادتها المعتدلين والحكماء) مثل الأنبا/ موسى (يمكن الرجوع إلى حواره مع جريدة الشرق الأوسط فى اعقاب اعتداء مخبول على بعض المترددين على الكنائس بالإسكندرية) ومتخذة من هذا الخطاب سياسة معلنة لها.
- ومتسلحة بالتيار الثانى فى مواجهة الدولة عندما يلزم الأمر، إلا أنه داخل المؤسسة الكنسية ذاتها هناك عدد من رجال الدين الذين يتنازعهم التياران ومعتقده أن أى بابا قادم سوف يستخدم ذات السياسة المتبعة من الكنيسة حالياً سياسة الوجهين مهما كان توجهه معتدل أو متشدد.
- إلا أن الواقع التاريخى فى تعامل الكنيسة مع الدولة كانت الكنيسة والأقباط هم رد الفعل وليسوا الفاعلين، رد الفعل للتوجهات الداخلية (سياسة الدولة – المتغيرات الاجتماعية) والتوجهات الخارجيه مثلهم مثل أى أقلية.
- ولقد استفادت الكنيسة ايما استفادة من عدد من الأخطاء التى ارتكبتها الدولة واستفادت من امتناعها عن القيام بخطوات كانت يجب اتخاذها.
هـ : الأقباط وثورة 25 يناير
عقب قيام أحداث 25 يناير وفى بدايتها أعلنت الكنيسة وقوفها وتأييدها لنظام الرئيس مبارك ، إلا أن هذا الموقف (موقف الكنيسة) توارى خلف عدد من التنظيمات القبطية التى شاركت فى التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام –منهم تحت وطأة هول الحدث مما دفع الكنيسة إلى التحول والتنكر للنظام السابق، بل ذهب بهم التنكر مداه إلى حد اتهام النظام السابق بتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية عازفة مع سائر العازفين على نغمات التبرؤ من مبارك ونظامه أمام مذبح التلون والمصالح.. خاصة مع تبنى الغرب للثورة وترحيبه بصعود التيار السياسى الإسلامى.
عقب تولى بطرك جديد ..
كان يوم 8/11/2012 موعدا لتنصيب البطرك الجديد على الكرسى - للكنيسة القبطية الاثوذكسية. وهو الذى خلا بوفاة البطريرك السابق شنودة الثالث ... والذى واكب وفاته وجود حالة من الفوضى والتخبط سادت البلاد فى أعقاب سقوط النظام السابق وتولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد. والتى مرت خلاله البلاد بأحداث جسام مس الأقباط منها الكثير. مثل تدمير كنيسة بقرية صول بأطفيح إضافة إلى أحداث الفتنة بإمبابة واحداث ماسبيرو. إضافة إلى الاستفتاء على الإعلان الدستورى والذى اطلق عليه البوق السلفى “,”غزوة الصناديق“,”. تلك الأحداث التى دفعت عدد من الأقباط إلى حسم أمرهم والهجرة إلى الخارج خاصة الرأسماليات المتوسطة، والطبقة الوسطى، مع بدء ظهور مؤشرات صعود التيارا الإسلامى وتسيده للمشهد السياسى والإعلامى .. وتبنيه خطابا متشددا تارة ومنذراً تارة أخرى ومحتوياً لهم أحياناً خاصة فى أوقات الانتخابات “,”خاصة الرئاسية“,” وما زاد من توتر الأقباط الإفراج عن بعض عناصر تنظيمات طالما استهدفت الأقليات وممتلكاتهم وكنائسهم ... مما أوجد لدى الأقباط الرغبة فى الانزواء على الذات واللوذ بالكنيسة والتى كانت لسوء حظهم دون رأس – تماماً - خاصة عقب انصراف أقرب معاونى البابا السابق عن أداء أدوارهم التى كان يستمدوا صلاحيتها من شخص البابا المتنيح إلا أن تلك الحالة من الانكفاء لن تدوم. طويلا ولن تظل خيمتهم منكسة ولا سفينتهم شاحطة على البر. فيوم 8 نوفمبر ولد أسد مرقصى جديد يقيم للخيمة عمودها، ويبحر بالسفينة متحدثا بإسمهم، ناطقا بآلامهم. معبراً عن تطلعاتهم وهو أمر سوف يزيد من أزمة النظام الحالى للإعتبارات الآتية:-
· الأقباط أكبر الأقليات عدداً ولا حدود جغرافية لهم.
· لهم حضور دولى لا تحظى به أى إقلية أو أثنية فى مصر.
· تأكيد القوى الغربية على حمايتهم ورعايتهم كوسيلة ضغط على النظام الحالى.
· لهم كيان قائم متحدث بإسمهم وهو الكنيسة.
· والأهم من كل ما سبق أن الدستور والقانون والاتفاقات الدولية تعطيهم حقوق على قدم المساواة مع إخوانهم المسلمين.
ونافلة القول، هنا تنبع أزمة النظام الحالى، ذو الخلفية الإسلامية، والذى قرر أنه لا يمانع ببراجمايته ونفعيته من إعطائهم أياها عن طيب خاطر مدفوعا بالتوازنات الداخلية والأهم الخارجية تجنبا لأية أزمات دولية. والسؤال هنا، هل يقبل الإخوة والعشيرة بذلك؟ هل يرضى السلفيين بتنوعاتهم أن تسلم قاصرة قبطية أسلمت إلى الكنيسة أم يرضون أن تقام كنيسة أو يرضون بنفوذ قبطى يمتد إلى القوانين والدستور ؟؟؟؟!
الإجابة هى المأزق والأزمة للنظام الحالى، ففى أى اتجاه يتحرك أم سيصيب الشلل عضوا آخر من أعضائه فى هذا الملف: تحديدا غير مسموح بالشلل.