من أرشيف عبد الرحيم علي
11 عامًا على يناير.. ماذا جرى؟ تقارير المخابرات الأمريكية وصفت الرئيس السيسى بأنه شبيه عبد الناصر "2- 3"
نشر بتاريخ 27/يناير/2022 بموقع "بوابة الحركات الاسلامية"
الولايات المتحدة صنعت القاعدة وبدأت حربًا فى أفغانستان تمهيدًا للوصول إلى المنطقة وانطلاقا من نظرية المثلث
محمد مرسى العياط سعى للقاء السفير الأمريكى عقب أحداث 11 سبتمبر ٢٠٠١ لإبلاغه رفض الجماعة العمليات الإرهابية
نظام مبارك استهان بما يأتيه من التقارير الأمنية والمخابراتية بالتحركات الأمريكية
ثورة ٣٠ يونيو أظهرت خلافا بين الكونجرس الأمريكى والأجهزة الأمنية والسيادية والبيت الأبيض بشأن طريقة التعامل مع القاهرة
أحد عشر عاما مرت على أحداث 25 يناير وما زالت تلك الأحداث هى الأكثر غموضًا وضبابية فى تاريخ مصر، حتى عندما نحاول قراءة ذلك الكم الهائل من المقالات والكتب والدراسات والتقارير والبحوث التى نشرت حولها من قبل أطراف مختلفة ومتباينة ومتضاربة، فلن نستوعب ما حدث بل لن ننجو من الإصابة بدوار هائل، لن يفضى بنا إلى شيء، لكننى من منصة الباحث أستطيع أن أقول لكم، وأنا مطمئن الضمير، إن المصريين تعرضوا لأكبر عملية خداع فى تاريخهم، فيما يخص حقيقة ما حدث فى تلك الأيام. فقد تابعت الحدث عن قرب، وتفاعلت مع تطوراته، كنت أعرف منذ اللحظة الأولى أن النظام القائم لن يصمد طويلًا أمام هبات من غضب المصريين، يتوازى معها تخطيط محكم من جهات تسعى إلى إشاعة الفوضى فى أكثر منطقة مضطربة فى العالم لتصحح أخطاء خطط التقسيم الذى نتج عقب الحرب العالمية الأولى والمعروف باتفاقيات «سايكس بيكو» ولكن، فى هذه المرة، على أرضية السلام والمصالح المشتركة، تخطيط دقيق دام لسنوات طويلة قبل يناير ٢٠١١.
تناولنا فى الحلقة الأولى خطط الأجندة الغربية فى المنطقة، والتى لا تنعزل عما جرى فى ٢٥ يناير، وكل ما جرى فى دول عربية أخرى، وذلك برسم خرائط للمنطقة، وتقسيمها، ودعم ما يسمى بـ«الربيع العربي». وعرضنا العديد من الخطط، والتى بدأت من ١٩٧٣ وبعد انتصار أكتوبر، والسعى لكسر الجبوش العربية، وخاصة الجيش المصرى، ومشروع برنارد لويس، الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية، وتفتيت دول شمال أفريقيا، والجزيرة العربية، والشام، وتفتيت لبنان والأردن، وهدم مقومات أى مشروع لإقامة الدولة الفلسطينية. وكشفنا عن التعاون الأمريكى مع الإخوان، واعتراف ورقة بحثية أمريكية بتعاون الرئيس الأسبق باراك أوباما مع الجماعة الإرهابية، إلى أن جاءت ثورة ٣٠ يونيو التى أوقفت هذا المخطط.
الأمريكان والاعتراف بقوة السيسي
ولكن بعد ثورة ٣٠ يونيو تغير الموقف كلية فقد ظهر خلاف واضح بين الكونجرس الأمريكى من ناحية والأجهزة الأمنية والسيادية والبيت الأبيض من ناحية أخرى على طريقة التعامل مع القاهرة.
كان السؤال الأساسى هو: هل يستمرون فى الخطة المعدة لتقسيم مصر، والتى بدأ العمل عليها منذ حرب أكتوبر ١٩٧٣، وتم تحديثها بداية من عام ٢٠٠٤ عبر نظرية الفوضى الخلاقة وحرب المجتمعات، أم يقبلون بالتعامل مع الأمر الواقع، والتنسيق مع السيسى باعتباره رجل دولة جدير بالاحترام يمكنه قيادة المنطقة؟
تقارير المخابرات الأمريكية وصفت السيسي، آنذاك، بأنه قد يكون شبيهًا بعبدالناصر، لكنه فى النهاية واقعى إلى حد كبير، كما أنه تعلم فى أمريكا، فى إشارة إلى أنه يمكن التفاهم معه وتقويته، حتى لا تتفسخ المنطقة، فتخرج عن السيطرة تماما، وتحدث حروب جديدة لا تحتاجها أمريكا الآن، خاصة أنها خرجت خروج الأسد الجريح من حربى أفغانستان والعراق.
كان هناك تردد فى الموقف الأمريكي، لكن اللوبى الصهيونى حسم الموقف عندما رتب للقاء بين الرئيس أوباما وعشرة من رؤساء أكبر البنوك الأمريكية، حمل رؤساء البنوك العشرة معهم رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك، بنيامين نتنياهو، تحث الرجل على معاودة السير فى تنفيذ الخطة القديمة، مذكرين إياه بأهمية ألا يقوم بإهدار مجهود أكثر من ٤١ عاما من العمل منذ عام ١٩٧٣.
خطة تقسيم المنطقة كانت تشبه خطة سايكس بيكو القديمة، لكن الخطة الجديدة كانت بها ميزات نسبية، فالخطة القديمة التى تم بمقتضاها تقسيم وترسيم حدود المنطقة نفذت فى ظل حالة احتقان ما بعد الحرب العالمية الثانية، كانت الأعصاب مشدودة، والخلافات حادة، أما الآن فالعلاقات بين الأمريكان ودول الاتحاد الأوروبى قوية، هناك حالة وئام.. ولذلك فإن الوقت مناسب جدا لإعادة ترسيم المنطقة بالشكل المتفق عليه.
سايكس بيكو الجديدة بدأت تحديدا من عام ١٩٧٣، بعد هزيمة إسرائيل، حيث بدأت الولايات المتحدة تدرس هذه الحرب، وتساءلت لماذا انتصر المصريون، وماذا لو استمرت الحرب تدار بهذه الطريقة.
وهنا ظهرت نظرية المثلث التى كانت تقوم على أنه إذا كان هناك حدث يغضب الشعب الأمريكي، فلا بد من البحث عن عدو، يجعل الشعب يضغط على الحكومة، لتقوم الحكومة بتحريك القوات، التى تصنع انتصارات، يقوم الشعب بتحيتها، فتستمر الحكومة فى الدعم، لتظل العلاقة بين الثلاثى الحكومة والشعب والقوات المحاربة مستمرة طوال الوقت. هذه العلاقة كانت تستلزم وجود عدو، وكان العدو الجاهز هو تنظيم القاعدة.
تنظيم القاعدة
عملت أجهزة داخل أمريكا على أن تجلب الخطر إلى أراضيها، فأدخلت المنفذين لحادث ١١ سبتمبر إلى حدودها بمعرفتهم، وبعد تنفيذ الحادث الذى أذهل العالم، ومثل دوائر من الغموض لم تكشف حتى الآن، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها وجدت العدو، وبدأت حربًا فى أفغانستان تمهيدًا إلى الوصول إلى المنطقة، وبالفعل لم يمض وقت طويل حتى وصلت إلى العراق الذى أسقطت نظامه وسرحت جيشه، والآن تراه وهو يتفتت.. وكانت قد مهدت لذلك مبكرًا عندما بنت قواعد أمريكية فى دول المنطقة وتحديدا فى قطر والكويت والمحيط الأطلسي.
خسرت أمريكا كثيرا فى الحرب، ولذلك ظهرت بداية من ٢٠٠٤ نظرية جديدة فى الحروب، كانت الفلسفة العامة لها هى الفوضى الخلاقة، تلك النظرية الملعونة التى أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس.
قامت هذه النظرية على ضرورة تفتيت الدول من خلال نظرية جديدة فى الحرب وهى حرب المجتمعات، حيث يتم القضاء على المجتمع من داخله، دون الحاجة إلى تدخل خارجي.
فى ٢٠٠٤ كان نظام مبارك يرصد جيدًا ما يحدث، تأتيه التقارير الأمنية والمخابراتية بالتحركات الأمريكية، لكن النظام لم يتحرك، استهان بما كان يأتيه، ربما اعتقادًا منه أنه لا يمكن التضحية به مطلقا لأنه يقدم خدمات جليلة للأمريكان، دون أن يعرف أن المصلحة العليا للأمريكان تتجاوز مبارك ونظامه وكل العملاء الموجودين فى المنطقة، وقد يكون هذا هو السبب فى أن ما جرى فى يناير كان مفاجأة لمبارك ونظامه، رغم أنه كان يعرف أن الأمر معد من ذى قبل.
كانت خريطة تقسيم المنطقة جاهزة تمامًا، وقد نشرتها جريدة الـ «نيويورك تايمز» الأمريكية فى ديسمبر ٢٠١٣، يمكن لأى مهتم أن يعود إليها.
أدوات التقسيم:
كان لابد للولايات المتحدة والقوى التى تريد تقسيم المنطقة من أداة تساعدها على تنفيذ خطتها وتتوافر فيها عدة عناصر أساسية أهمها:
الأول: التواجد المكثف فى أكثر من بلد فى المنطقة.
الثاني: إمكانية تقديم هذه الأداة باعتبارها بديلا لتلك الأنظمة.
ثالثا: أن تكون تلك الأداة لديها طموح غير مشروع يمكن استغلاله بالتلويح بإمكانية تحقيقه.
وقد وقع الاختيار على التنظيم الدولى للإخوان لتلك الأسباب السابق الإشارة إليها، ونظرا لعمق العلاقة التاريخية بين الأمريكان والتنظيم ومحطات التعامل المباشر منذ الحرب الأفغانية وحتى الآن.
وبدأت واشنطن فى تكثيف الاتصالات بقيادات الجماعة عقب حادث الحادى عشر من سبتمبر مباشرة.
التنظيم الدولى والأمريكان:
فى بداية الألفية الجديدة وبالتحديد عام ٢٠٠٢ بدأت السفارة الأمريكية بالقاهرة فى تكثيف اتصالاتها بقيادات ورموز جماعة الإخوان المصريين عقب حصول مرشحيها على عدد ١٧ مقعدا فى انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٠٠، وهدوء موجات الغليان التى أعقبت أحداث الحادى عشر من سبتمبر؛ حيث لجأت الولايات المتحدة الأمريكية لتحسين صورتها وعلاقاتها داخل العالم الإسلامي، وتبلورت أبرز مظاهر تلك الاتصالات فيما يلى:
سعى الراحل محمد مرسى العياط للالتقاء بالسفير الأمريكى عقب أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، لإبلاغه رفض الجماعة للعمليات الإرهابية.
التقاء الأمريكية Diane Kelly، سكرتيرة القسم السياسى بالسفارة الأمريكية، والمتخصصة فى متابعة نشاط جماعة الإخوان بمصر، بالإخوانى صلاح عبدالمقصود عام ٢٠٠٢، الذى أكد لها أن الجماعة تكن مودة عميقة للولايات المتحدة الأمريكية، وطلب منها توجيه الدعوة لقيادات الجماعة لاستعراض توجهاتهم أمام الكونجرس الأمريكي.
مشاركة محمد مرسى العياط، رئيس الهيئة البرلمانية للجماعة آنذاك، فى الملتقى السنوى لمسلمى سويسرا الذى عُقد فى مدينة برن بتاريخ ١٣ ديسمبر ٢٠٠٢، حيث التقى خلاله السفير البريطانى وسكرتير أول السفارة الأمريكية، كما وجهت إليه دعوة لحضور الاحتفال الذى نظمته السفارة بمناسبة زيارة وزير الاقتصاد والشئون السياسية الأمريكى للبلاد بتاريخ ٣٠ يناير ٢٠٠٣.
التقاء مرسى العياط خلال احتفال السفارة الهندية بالقاهرة بذكرى قيام الجمهورية الهندية فى ٢٦ يناير ٢٠٠٣ بالملحق السياسى بالسفارة الأمريكية، الذى استفسر منه عن موقف الجماعة إزاء القضيتين الفلسطينية والعراقية.
وجهت الجامعة الأمريكية بالقاهرة عددا كبيرا من الدعوات لقيادات إخوانية، للمشاركة فى المؤتمرات التى عقدتها مؤسسات أمريكية عديدة ببعض الدول العربية خلال الفترة من ٢٠٠٤ إلى ٢٠٠٦، وخاصة فى كل من، «الكويت، واليمن، والبحرين، وقطر، والأردن، ولبنان، وألمانيا، وتركيا» وبصفة خاصة كل من عبدالمنعم أبوالفتوح، وعصام العريان، اللذين شاركا فى غالبية تلك المؤتمرات.
استعان الإخوان بجناح التنظيم الدولى فى الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أبرزهم الدكتور حسان حتحوت، رئيس أكبر المنظمات الإسلامية بأمريكا؛ حيث كان أول من استقبل الرئيس الأمريكى جورج بوش بالمركز الإسلامى التابع لهم فى العاصمة الأمريكية، عقب أحداث ١١ سبتمبر مباشرة، بوصفه ممثلا عن مجلس التنسيق السياسى الإسلامى الأمريكي، وعن مجلس الشئون العامة الإسلامية، وجهت الجماعة من خلال حتحوت رسالة إلى الإدارة الأمريكية تؤكد قدرتها على تقديم العون الجيد لواشنطن فى إطار امتصاص غضب الشباب المسلم، وتحويله إلى نشاط إيجابى بعيدا عن سلبية الجماعات المتطرفة، شريطة أن تدعم أمريكا الجماعة فى مواجهة تلك الحكومات الديكتاتورية، على حد توصيفهم.
التعاون يخرج للعلن:
استمرت اللقاءات فى الانعقاد، ولكن بشكل سرى حتى كان احتلال العراق عام ٢٠٠٣، الذى طلب خلاله المرشد العام السابع للجماعة محمد مهدى عاكف، والمنسق السابق للعلاقة مع الأمريكان، جناح التنظيم الدولى فى العراق المكون من كل من: «الحزب الإسلامى العراقى بقيادة محسن عبدالحميد، والاتحاد الإسلامى الكردستانى بقيادة صلاح الدين بهاء الدين»، بالتعاون مع الحاكم الأمريكى آنذاك، بول بريمر، والمشاركة فى الحكومة الانتقالية التى شكَّلها عقب سقوط النظام العراقى مباشرة، وهو ما تسبب فى خلق أزمة داخل التنظيم الإخوانى بالعراق، وتدخل عاكف بوصفه المرشد العام للتنظيم الدولى لاحتواء تلك الأزمة، وأصدر قرارا ملتويا يؤكد أن مشاركة الإخوان فى الحكومة الانتقالية يمثل شأنا داخليا للجماعة فى العراق، الأمر الذى ترتب عليه استقالة عدد من إخوان العراق المعارضين تلك المشاركة آنذاك، وتشكيلهم جيش الخلاص الإسلامي، بينما قام بعضهم بتكوين جبهة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري، الذى التقى عاكف مرتين بالقاهرة، وطالبه بضرورة التدخل لإنهاء علاقة الحزب الإسلامى بحكومة بريمر، ولكن عاكف رفض للمرة الثانية، معتبرا أن ذلك الأمر شأن داخلى يخص العراقيين وحدهم.
واتساقا مع موقف الجماعة فى العراق، استمرت المخططات الإخوانية فى مصر فى فتح جسور الحوار مع الأمريكان، وبدأ الإخوان فى الاتصال بالدكتور سعد الدين إبراهيم، وقام وفد من الجماعة بزيارته فى منزله بالمعادى عقب خروجه من السجن، خاصة أن سعد الدين قد أقام علاقات جيدة ببعض قادة الإخوان الذين لازموه فى السجن، وأقنعوه بضرورة القيام بدور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين الإخوان والأوروبيين، وهو ما حدث فعلا عقب خروجه من السجن، حيث رتب للقاء عقد فى مارس ٢٠٠٣ فى النادى السويسري، الكائن بحى إمبابة بالجيزة.
وحضره من الجانب الغربى دبلوماسيون أوروبيون من سفارات بريطانيا وسويسرا والسويد ومن جانب الجماعة وفد رفيع المستوى ضم كلا من: «محمد مرسى رئيس الهيئة البرلمانية للجماعة آنذاك، وعصام العريان عضو مجلس شورى الجماعة، والصحفى محمد عبدالقدوس» ودار الحوار حول إمكانيات وصول الإخوان إلى السلطة، والأجندة السياسية التى يحملونها حال وصولهم إلى الحكم، وموقفهم الحقيقى من الغرب، وقضايا الديمقراطية، وحرية الرأى والتعبير.
سيناريو الجماعة لفتح قنوات مع الأمريكان
كان الإخوان يعتبرون تلك اللقاءات جزءًا من سيناريو عام وضعته الجماعة من أجل فتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لإقناعهما بقبول أن يكون للتيارات الإسلامية دور محورى فى المنطقة، على غرار التعاون الذى حدث بين الأمريكان والأحزاب الإسلامية فى تركيا وباكستان، إضافة إلى الهدف الأهم، المتمثل فى الحصول على وعد بدعم سياسى أمريكى فى حال الوصول إلى الحكم، والضغط على النظام فى مصر لتقبل الوجود الشرعى للإخوان.
وتكرر السيناريو نفسه مع د. سعيد النجار الذى زاره عدد من الإخوان للاستفادة من علاقاته الجيدة وتوجهاته الليبرالية لعقد لقاءات مع مسئولين فى الخارجية الأمريكية، لكنهم لسبب ما لم يفاتحوه فى الموضوع صراحة بعد انتقال الحوار إلى موضوعات خلافية كثيرة بعيدة عن أهداف اللقاء، وبقى فى برنامج الإخوان لقاءات مع الكاتب مأمون فندى وتوماس فريدمان.
على الصعيد نفسه، برز داخل الجماعة تصور آخر للإسراع فى إجراء تفاهمات مع الإدارة الأمريكية، عن طريق التنسيق مع الإخوان فى أمريكا، وخصوصا د. حسان حتحوت، رئيس إحدى أكبر المنظمات الإسلامية فى أمريكا، وهو أحد تلاميذ حسن البنا المخلصين، بما له من علاقات جيدة بالمؤسسات الأمريكية، حيث كان أول من استقبل الرئيس جورج بوش الابن فى المركز الإسلامى التابع له بعد أحداث ١١ سبتمبر مباشرة، كما أسلفنا، وبدأ الإخوان بالفعل اتصالاتهم، وكان من المقرر أن يسافر أحد أعضاء مكتب الإرشاد إلى أمريكا للقاء بعض القيادات هناك، خصوصا المسئولين عن ملفات الشرق الأوسط، ولكن حرب العراق أجلت هذه الترتيبات.
لم تشارك الجماعة فى أى تصعيد لصد الاحتلال الأمريكى فى العراق، بل أسهمت بتعليمات من مرشدها العام محمد مهدى عاكف فى تثبيت دعائمه، عن طريق دفع إخوان العراق للانضمام إلى حكومة بريمر.
تصريحات «رايس وهاس» وغيرهما فضحت أهداف واشنطن من وراء حوارها مع التنظيم، فقد كان الهدف واضحًا، وهو المساهمة فى خلق فوضى فى المنطقة تساعد على تنفيذ إعادة ترسيم المنطقة، وهو ما جرى على أساسه الحوار اللاحق عام ٢٠١٠ واستكمل فى ٢٢ يناير ٢٠١١ بين مرسى العياط ومندوب جهاز المخابرات الأمريكية ورئيس محطتهم فى إسطنبول، تلك الاتصالات التى رصدها جهاز أمن الدولة وألقى القبض بناء عليها على مرسى ورفاقه وأودعهم السجن ليلة ٢٧ يناير تمهيدا لعرضهم على النيابة بعد هدوء الأوضاع. ولكن حدث ما كان مخططا له وتم اقتحام السجون وإخراج مرسى وتنفيذ السيناريو المتفق عليه.
فى الحلقة المقبلة نتناول الدور القطرى فى رعاية ودعم الإخوان بتوجيه أمريكى وفشل مخططات واشنطن ضد مصر.