من أرشيف عبد الرحيم علي
رفعت السعيد يكتب: عبد الرحيم علي يواجه الأفكار الخاطئة في الفكر الإسلامي
نشر هذا المقال في العدد ١٢٥٢ لجريدة الأهالي
يواصل الأستاذ عبدالرحيم علي عطاءه في مجال مواجهة الأفكار الخاطئة والشبهات التي يغرسها البعض في مجال الفكر الإسلامي، وكتابه الأخير يمثل إضافة مهمة تستحق المتابعة، وهي جديرة بالمطالعة.
* الكاتب: عبدالرحيم علي
* الكتاب: الإخوان المسلمون، فتاوي في الأقباط والديمقراطية والمرأة والفن
* الناشر: المحروسة
ونبدأ من غلاف الكتاب فعلي الغلاف الخلفي نقرأ «تشهد الساحة السياسية والحزبية بين الحين والآخر وبخاصة في مواسم الانتخابات العامة، هرولة العديد من القوي الحزبية والسياسية المصرية طلبا لمباركة جماعة الإخوان المسلمين، بعض هذه القوي والأحزاب ترفع شعارات تتنافي في جوهرها مع رؤي وفتاوي الإخوان، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل تجهل هذه القوي تلك الأفكار؟».
وفي المقدمة نقرأ «إن النشاط السياسي بطبيعته يتطلب قدرا من المرونة والمواءمة والبحث عن التوازن، وهو يدفع البعض - بالضرورة - إلي الإعلان والتصريح بشعارات ومباديء وقيم وأفكار تخالف الحقيقة الراسخة التي لا يتسني الجهر بها، وتقييم حركة سياسية ما لا يمكن أن يكون موضوعيا ومنصفا بمعزل عن إدراك طبيعة الفكر الذي نؤمن به ومراميه، وفي هذا السياق تأتي دراستنا» ثم يقول «وقد يصرح الإخوان ورموزهم بما يسعي إلي تجميل الصورة وتهذيب الحقائق الصارمة المنفرة: فيتعهدون للأقباط بحقوق المواطنة الكاملة، ويعلنون تمسكهم بالتعددية وحرية الفكر والرأي، ويؤكدون إيمانهم بحقوق المرأة ومكاسبها، ويبشرون بتقبلهم للفن الجيد الجاد، ومثل هذه الوعود «السياسية» البراقة لا تحمل ترجمة أمينة لأفكار الإخوان» و«تعتمد الدراسة لإثبات مدي التوافق بين «القول» و«الفعل» علي تحليل مجموعة الفتاوي التي نشرتها مجلة الدعوة المعبرة عن جماعة الإخوان خلال فترة الإصدار الثاني» (ص9).
.. وقبل أن نبدأ يتعين أن نلاحظ أمرين: أولهما أن هذه الفتاوي صدرت في الفترة من منتصف سبعينيات القرن الماضي أي في زمن تحسن علاقتهم بالرئيس الراحل أنور السادات، وحتي مرحلة غضبه عليهم قبيل اغتياله.. أي أنها فتاوي حديثة.
وثانيها: أن الجماعة التي تعتمد دوما سياسة المزج بين ما هو ديني وما هو سياسي لتتخذ مما هو ديني ستارا لتحقيق مصالح سياسية.. نجدها في هذا المجال تفصل بين ما تصدره من فتاوي علي أساس أنها «صحيح الدين في رأيها» وبين ما تعلنه من شعارات ومواقف سياسية، بل يأتي التناقض واضحا ولا خفاء فيه.. وهكذا يتناقض ما هو سياسي مع الفتوي الدينية، ولو فعلها غيرهم لانهالوا عليه سبا وقذفا واتهاما بالكفر والضلال.
وهكذا وبينما يصرح الإخوان في مجال القول السياسي بحقوق المواطنة واحترام حقوق الأقباط نجدهم يصدرون فتاوي تحريضية تهدد الوحدة الوطنية وتهدر أبسط قواعدها.
«وفي العدد رقم 56 الصادر في شهر ديسمبر 1980 من مجلة الدعوة فتوي أصدرها الشيخ محمد عبدالله الخطيب عضو مكتب الإرشاد بالجماعة ومفتيها في القضايا الشرعية، والفتوي ترد علي سؤال من «أ. ح. م - المنوفية» عن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام ويجيب مفتي الجماعة بأنه علي ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة، والثاني ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا فهذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء «لاحظ كلمة الأشياء» فيها، وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين، والقسم الثالث ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها، والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع علي ما هو عليه وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها.. وواضح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في الإسلام» (ص24).
ولنا علي هذه الفتوي «الغير» شرعية ملاحظات عدة: أولها أنها تشعل نيران فتنة طاغية في هذا الوطن، وثانيها أنها تخالف المنطق الشرعي الذي اعتمده كل الفقهاء وهو «إن ما يحقق مصالح الناس فهو شرع الله ما لم يحل حراما ولا يحرم حلالا»، وثالثها أنه يخالف ما درج عليه المسلمون في جميع عصورهم وفي كل بلدانهم.. وأخيرا إنها تتناقض مع كل التصريحات السياسية التي يقول بها الإخوان.
فكيف؟ ولماذا؟
هذا السؤال الذي يستحق إجابة واضحة من الجماعة.
ونتمني أن تكون هذه الإجابة شافية لجراح الوطن، مانعة للدس علي وحدتنا الوطنية حامية لها.
فهل من إجابة؟
ويبقي أن الكتاب «الوثيقة» يستحق مزيدا من المتابعة.. فلنحاول