الثلاثاء 23 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: فهمى هويدي.. وإعلان" الإخوان" الحرب على المصريين

نشر
عبد الرحيم علي


نشرنا بالأمس في هذه المساحة مقالا رددنا فيه على فكرة السيد فهمى هويدي، التي حاول من خلالها أن يوحى بأن المواجهة الحاسمة من قِبل الدولة وأجهزتها الأمنية للجماعة الإرهابية المسماة فى عرف هويدى ورفاقه بـ«الإخوان المسلمين» تزيد من حجم العنف وتوسع من دائرته، مؤكدين أن هذه الجماعات لا تعرف سوى لغة القوة، وأن أى تراخٍ من قبل الدولة فى مواجهتهم سيقيم بشكل خاطئ عند تلك الجماعات باعتباره ضعفا ولينا يجب التعامل معه بما يليق به، أى بتصعيد عمليات العنف. 

وشددنا على أننا نملك من أدبياتهم مئات المقولات التى تثبت ما ذهبنا إليه، لم نكن نتخيل أن الجماعة الإرهابية لن تترك لنا وقتا لكى نبحث بين أوراقنا وفى مكتباتنا عن تلك الأدبيات، حيث عاجلتنا بالأمس ببيان نشر على موقع «إخوان أون لاين»، تحت عنوان: «رسالة إلى صفوف الثوار: وأعدوا»، ونحن إذ نهدى هذا البيان إلى السيد هويدى ورفاقه من أزلام الجماعة وحوارييها فى كل من قطر وطهران وإسطنبول، نود أن نؤكد ما سبق أن ما قلناه بشأن المتظاهرين السلميين وما حدث من اعتداء وحشى غير مبرر على الشهيدة شيماء الصباغ، وهو أن أيا كان من قتلها فهو عار سيظل يلطخ جبينه وجبين من وجّهه لفعل ذلك، وسوف يظل يطارده حتى موقعه فى الجحيم. 

إعلان حرب

بدأ بيان الجماعة الإرهابية بخطاب موجه إلى الثائر والثائرة، موضحا معنى شعار الجماعة، حيث المصحف يحيط به سيفان متقاطعان، وقد نحتت كلمة «وأعدوا» فى المنتصف، يقول البيان:

«سيفان متقاطعان.. وبينهما (وأعدوا) وتحتهما (صوت الحق والقوة والحرية) ذلك هو شعار دعوة الإخوان المسلمين. فكل مفردات الشعار تعنى القوة، فالرمز وهو السيفان وكلمة (وأعدوا) التى هى شعار القوة فى القرآن الكريم، والكلمات الثلاث التى كُتبت تحت السيفين تعنى ذلك أيضًا، فـ(الحق) لا بد له من قوة تحميه، و(الحرية) لا تُوهب، لكنها تُنْتَزع انتزاعًا بالقوة، ولذلك جاءت كلمة القوة بين الحق والحرية».

ويضيف البيان الذى صدر أول أمس فقط يا سيد هويدى: «وحرص الإمام المؤسِّس على تشكيل (فرق الكشافة) التى هى مظهر اللياقة والانضباط، وتشكيل (النظام الخاص) الذى هو أبرز ملامح القوة». 

ويواصل البيان: «يقول الإمام البنا رحمه الله: (ونحن نعلم أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان، ثم يلى ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصحّ أن توصف جماعة بالقوة، حتى تتوفر لها هذه المعانى جميعًا، وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهى مفككة الأوصال، مضطربة النظام، أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان، فسيكون مصيرها الفناء والهلاك). وإعداد القوة يحتاج أولاً إلى إرادة، إرادة البدء، وإرادة الاستمرار والرعاية، والقيادة والجنود شركاء فى هذا».

لاحظوا معى الألفاظ والمصطلحات التى يستخدمها البيان، القوة، السلاح، الجنود.

ويضيف البيان أنه من كلمات الإمام المؤسس أن: «القوة أضمن طريق لإحقاق الحق». أرأيت يا سيد فهمى تعريفهم للقوة والحق، يا من تطالب الدولة بالحوار معهم بعد أن أوغلوا فى دماء المصريين.

ولا يكتفى واضعو البيان بتلك العبارات لكنهم يؤكدون مقولة أخرى للبنا تشدد على: «إن الأمة التى تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب لها الله الحياة العزيزة فى الدنيا، والنعيم الخالد فى الآخرة وما الوهن الذى أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت، فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم، واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة... فاعملوا للموتة الكريمة تظفروا بالسعادة الكاملة».

وتختتم الجماعة الإرهابية بيانها، الذى نهديه إلى هويدى ورفاقه وكل دعاة التصالح والحوار مع القتلة والمجرمين بالقول: «على الجميع أن يدرك أننا بصدد مرحلة جديدة، نستدعى فيها ما كمن من قوتنا، ونستحضر فيها معانى الجهاد، ونهيئ أنفسنا وزوجاتنا وأولادنا وبناتنا ومن سار على دربنا لجهاد طويل لا هوادة معه، ونطلب فيها منازل الشهداء».

بكاء البنا

ذكرنا فى مقال الأمس تجربة الجماعة الإسلامية التى راحت تضع الشروط تلو الشروط، يحملها المحسوبون عليهم، أمثال هويدى والعوا للحوار مع الدولة، ولما رفضت الدولة ذلك الحوار فى تسعينيات القرن الماضى لمدة ست سنوات إلا واضطرت الجماعة الإسلامية إلى أن تضع السلاح دون قيد أو شرط، وأصدرت بيانا بوقف العنف من طرف واحد فى يوليو من عام 1997، صدرته بمقولة: «لقد واجهنا دولة ذات جيش قوى وشرطة قوية، فلم يفلح معها استخدام القوة، فازداد عدد المعتقلين، والأرامل، لذا نحن نوقف العنف ونلقى السلاح من طرف واحد». وقلنا لو أن الدولة استجابت لشروط الجماعة الإسلامية التى حملها بالمناسبة هويدى ورفاقه آنذاك، لكنا على أعتاب جمهورية جديدة مثل طهران منذ عشرين عاما على الأقل.

واليوم نذكر هويدى ورفاقة بتجربة البنا نفسه عندما زار عبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية، يستجدى منه مقابلة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، آنذاك، محمود فهمى النقراشى، بعدما تأزم الوضع بين الجماعة والحكومة، مثلما يحدث الآن.

يقول عبدالرحمن عمار فى تقريره عن تلك الزيارة: «حضر الليلة الشيخ حسن البنا إلى ديوان وزارة الداخلية، وطلب مقابلتنا بحجة الإفضاء إلينا بأمور مهمة يرغب فى إبلاغها فورًا إلى حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء، فلما قابلناه حدثنا بأنه قد علم أن الحكومة أصدرت قرارًا بحل جماعة الإخوان المسلمين، أو هى فى سبيل إصدار هذا القرار، وأنه يريد أن ينهى إلى دولة رئيس الوزراء بأنه قد عوّل نهائيًّا على ترك الاشتغال بالشئون السياسية، وقصر نشاط الجماعة على الشئون الدينية، كما كان الحال فى بداية قيام جماعة الإخوان المسلمين، وأنه يود من كل قلبه التعاون مع دولة الرئيس تعاونًا وثيقًا مؤيدًا للحكومة فى كل الأمور، وأنه كفيل بتوجيه رجاله فى جميع الجهات بالسير على مقتضى هذا الاتجاه، كما أعرب عن أسفه لما وقع من جرائم ارتكبها أشخاص يرى أنهم اندسوا على الإخوان المسلمين».

لقد أدارت الضربات الموجعة رأس مؤسس الإخوان وأسكرته، حتى اضطرته أن يذهب عارضا التعاون مع وزير الداخلية على تسليم شبابه، بعدما قال قبلها مقولته الشهيرة: «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين».

ويضيف وكيل وزارة الداخلية أن البنا «ختم حديثه بقوله إنه على استعداد للعودة بجماعة الإخوان المسلمين إلى قواعدها بعيدًا عن السياسة والأحزاب، متوفرًا على خدمة الدين ونشر تعاليمه، بل إنه يتمنى لو استطاع أن يعتكف فى بيته ويقرأ ويؤلف مُؤْثرًا حياة العزة، ثم جعل يبكى بكاء شديدًا ويقول إنه سيعود إلى مقره فى انتظار تعليمات دولة رئيس الوزراء، داعيًا له بالخير والتوفيق».

كان هذا اللقاء فى 8 ديسمبر سنة 1948، وصدر بعدها قرار حل الجماعة كما توقع البنا، وانتهى فصل من فصول وجودها على الساحة المصرية، حتى أعطتها ثورة يوليو قبلة مرة أخرى.

إن لغة القوة يا سيد فهمى هى ما تفهمه تلك الجماعة وحلفاؤها، وهى اللغة الوحيدة التى ستتعامل بها الدولة، طبقا لتفويض شعبى مسبق، تم تأكيده بمنح الثقة بنسبة 97% لبرنامج الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يتضمن توفير الأمن للمصريين، وفرض هيبة الدولة، ولا يبقى سوى أن تصمتوا يرحمكم الله، وكفاكم ما فعلتموه فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق من قبل.