الجمعة 19 أبريل 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: كلمة ليست أخيرة حول حديث "المصالحة"

نشر
عبد الرحيم علي

يحلو لى بين الحين والآخر أن أُذكّر البعض بقصة الرئيس الراحل أنور السادات مع الإخوان، عندما أشم روائح الغدر من بعض الذين يرددون، بوعى أو بدون وعى، حديث المصالحة.

فعلى الرغم من دماء الشهداء (من جنود وضباط الجيش والشرطة) التى تسيل كل يوم معمقة من جراح الثأر بيننا وبين تلك الجماعة الإرهابية، إلا إن البعض ما زال يتشدق بألفاظ كالإخوة والدم الواحد والوطن الواحد، فى السعى نحو تسليم الوطن للجماعة الإرهابية وحلفائها، تحت غطاء من المصالحة المزعومة، وهنا وجب علينا أن نذكر الجيل الحالى من الشباب بالتاريخ، خاصة تلك التجارب التى ما زالت شاخصة أمام أعيننا، التى لم يمض عليها سوى ردح يسير من الزمن، "لعل الذكرى تنفع المؤمنين".

إننى ومن خلال رصد يقظ ومباشر للحالة السياسية العامة فى مصر، أستطيع أن أضع يدى على أصل الداء، فلا أحد يعلى قيمة المصلحة الوطنية العليا على مصالحه الشخصية، أو مصالح جماعة ينتمى إليها، أو ربما يتعاطف معها، إننا فى مفترق طرق، لحظة تحتاج إلى فرز دقيق من الجميع وللجميع، هل أبالغ إذا قلت: إنه من ليس معنا فهو علينا؟

والله لا أبالغ فى ذلك أبدًا.. فالوطن الآن يخوض معركة وجود ـ وهو ما أدركه الرئيس عبدالفتاح السيسى جيدًا وردده أكثر من مرة ـ نعم.. معركة وجود، فإما أن يظل هذا الوطن رافعًا رأسه إلى السماء، محافظًا على وحدته، وإما أن يتحول إلى ساحة من الدماء التى تسيل بلا حساب، لا لسبب إلا لأن هناك من يريد لهذا الوطن ألا يبقى.

أصحاب المصالح الخاصة يعرفون جيدًا ما يقومون به، لكن بالقرب من هؤلاء أرصد جيلاً صاعدًا، أشفقت عليه كثيرًا لسنوات طويلة، كنت أرى أنهم شباب وقعوا ضحية الجهل والتجريف التعليمى والثقافى، فلا يستطيعون أن يتبينوا الحق من الباطل، لكن عندما رفعت الستار عن المسرح المظلم، ومن خلال الوثائق والمستندات الدامغة التى لا تقبل شكًا، أيقنت أننى أمام مجموعات كبيرة جدًا متآمرة، لا تسعى إلى تفتيت الوطن لأنها لا تفهم، ولكن تخطط لذلك عن قصد وتعمد لأنها تقبض.

وتأملوا معى الصورة من قريب.. واسألوا أنفسكم عن هؤلاء الذين يتبنون خطاب المصالحة؟ عن هؤلاء الذين يصدعون رؤوسنا بكلام أجوف ومصطنع عن مصالحات مع جماعة إرهابية استحلت القتل والخيانة، عن هؤلاء الذين يضعون ما يقولونه فى غلاف خادع يحيطونه بحديث عن حقوق الإنسان والروابط الإنسانية، دون أن يلتفتوا وراءهم إلى شهور قليلة مضت ليتأملوا ماذا فعل الإخوان المسلمون ليس بالأرض والعرض، بالوطن والمواطن.. لقد أهدروا كل القيم واستحلوا كل الحرمات.. وبعد أن فقدوا كل شيء تحولوا إلى وحوش كاسرة تحرق كل ما فى طريقها من أخضر ويابس.

انظروا فى تاريخ وحاضر ومصالح من يتحدثون عن المصالحات لتعرفوا أنه لا أحد منهم يعمل لوجه الوطن.. فالجميع مخادعون.. يعملون من أجل زيادة أرصدتهم فى البنوك، ومن أجل أن يظلوا تحت الأضواء.. فهل يمكن أن نركن إلى هؤلاء؟ أن نستمع منهم، أن نطمئن إلى ما يذهبون إليه؟

المخزِى أن من يتبنون فكر المصالحة ومنهجها لا يملكون من أمرهم شيئًا، يتطوعون من أجل جماعة قررت أن تخوض الحرب إلى نهايتها معتقدين أنها يمكن أن تنتصر.

إننا نرفض الحديث عن المصالحة سياسيًا وفكريًا وإنسانيًا..

 سياسيًا لأن الجماعة خائنة تاريخها كله يقوم على الخيانة، وهو ما يدعونى هنا لأروى للأجيال الجديدة قصتها مع السادات، الذى أخرجهم من السجون وآواهم فخرجوا عليه وشاركوا فى قتله.

وفكريًا لأن هذه جماعة لا يمكن أن تتوب أبدًا، لا يمكن أن تخلع عباءة الإرهاب، لا يمكن أن تتخلى عن القتل والتخريب.. هذا دينها الذى به تدين.. ولا يمكن أن تتخلى عنه.

وإنسانيًا لأننا لا يمكن أن ننسى أبدًا من قتلوهم ومثلوا بجثثهم وأثاروا الرعب فى نفوسهم وأرواحهم..

من أجل هذا كله أضع تاريخ هؤلاء القتلى أمامكم جميعًا.